القولين طرفا نقيض، والوسط بينهما اعتبار كلا الأمرين من خلال وضع ضوابط لكي لا يحيف أحد المعنيين على الآخر؛ وذلك من خلال تلك الشروط التي اشترطوها.
وبذا يكون هذا القول - من جواز اعتبارها بشروط - هو القول الراجح والرأي المختار.
[شروط المصلحة عند من اعتبرها بشروط]
اشترط الغزالي أن تكون المصلحة قطعية، كلية، ضرورية (١).
فمعنى كونها قطعية: أن تثبت بطريق قطعي لا شبهة فيه، ومعنى كونها كلية: أن يكون النفع عائدًا إلى عامة المسلمين أو لأكثر أفرادها، وليست خاصة ببعضهم، ومعنى كونها ضرورية: أن تكون عائدة إلى حفظ ضرورة من الضرورات الخمس - سواء كانت ضرورية أو حاجية - وهذه الضرورات الخمس هي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وزاد الطوفي: العرض.
ومثَّل الغزالي لما يحقق هذه الشروط الثلاثة: بما إذا تترس الكفار - حال التحام أهل الحرب - بأسارى المسلمين، فإن ذلك يمنع توجيه الرمي والضرب إليهم، فيتمكن الكفار من مهاجمة الحصون، ولو امتنعنا عن القتل لأدى ذلك إلى الاستيلاء على ديارنا، فيقتلون المسلمين ثم يقتلون من معهم من أسارى المسلمين، ولو رماهم المسلمون لأدى ذلك إلى قتل المسلمين الأسارى ودمهم