والتعبير بطريق معرفة الترك أولى من قولنا عن الأمرين معًا نقل الترك، بل نقل الترك خاص بالأمر الأول منهما، أما الثاني فهو ليس نقلًا للترك بل هو ترك لنقل الفعل.
والذي ذكره ابن القيم في النوع الثاني هو حالة مخصوصة في النقل، وإنما خص ابن القيم هذه الحالة المخصوصة في النوع الثاني، لأنه كان في معرض الكلام عن الترك الكفي أو الامتناعي، والكلام هنا عن ترك النقل إجمالًا، ولذا لابد من بيان وجه ثبوت كل طريق على حدة.
[إثبات الطريق الأول لا إشكال فيه]
لا شك أن النوع الأول لا يحتاج إلى إثبات فهو واضح، وهو أمر لا يخص الترك وحده بل كل أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وتقريراته وأحواله وصفاته لابد لها من النقل حتى تعرف، وذلك لأن الأصل في الأفعال العدم، فإثبات الفعل ناقل عن الأصل فيحتاج إلى نقل.
والترك الذي هو من أقسام الفعل - الترك الوجودي - لابد له من نقل ليخرج عن الأصل - وهو العدم - وهذا واضح لا إشكال فيه.
[إشكالية ثبوت الطريق الثاني]
أما الإشكال فهو في النوع الثاني، وذلك أن لا يلزم من عدم نقل أمر ما كون هذا الأمر لم يحصل، فلا تلازم إذن بين كون الشيء لم ينقل وبين كونه قد حصل، فإن ما حصل عند من لم يطلع على نقله لا يصح فيه أن يقال إنه لم يحصل، فكيف يستدل إذن على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك فعلًا ما بأنه لم ينقل لنا أنه