للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعل، فلربما حصل ولم يبلغنا ولم ينقل إلينا، وهو ما عبر عنه الأصوليون بأن عدم النقل لا يستلزم نقل العدم.

وهذا الإشكال أشار إليه ابن القيم رادًا عليه فقال:

"فإن قيل: فأين لكم أنه لم يفعله وعدم النقل لا يستلزم نقل العدم؟ فهذا سؤال بعيد جدًّا عن معرفة هديه وسنته وما كان عليه، ولو صح هذا السؤال وقبل لاستحب لنا مستحب الأذان للتراويح وقال: من أين لكم أنه لم ينقل ... " (١).

وعندما تعرض الدكتور الأشقر للكلام على هذا النوع في رسالته (٢) ذكر أن هذه القاعدة الأصولية مسألة مهمة، ولذا فقد ناقش هذه القاعدة الأصولية من خلال تتبع خلاف العلماء في فرع فقهي، وهو أصناف الخارج من الأرض، وذلك لأنه رأى أن كل من أثبت هذه القاعدة مثلوا بهذا المثال، وقد ذكر أن إثبات هذه القاعدة على إطلاقها يقتضي أن كل ما لم ينقل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - له فقد تركه، وحينئذ يكون بمنزلة النص على حكمه، وذلك يقتضي منع إجراء العموم على وجهه .. ويقتضي منع القياس في ذلك. وهذا الذي ذكره لا يلزم من إثبات القاعدة الأصولية، ولم يُرِد ابن القيم هذا الإطلاق الذي ذكره الدكتور الأشقر، فابن القيم لم يُرد كل أنواع ترك النقل، وإنما خص نوعًا واحدًا وهو ما كان مع وجود مقتضٍ للفعل ولم يكن هناك مانع ..


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين (٤/ ٢٦٤).
(٢) أفعال الرسول ودلالتها على الأحكام الشرعية (٢/ ٦٢ - ٦٩).