للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضدان، والتارك للسفر متلبس بالإقامة، وليس الترك للسفر نفس معنى الإقامة، بل معنى آخر في لغة العرب والمعقول:

فهناك فرق بين قولنا: "لا تسافر" وبين قولنا: " أقم":

فأقم أمر بالإقامة من حيث هي فقد لا يستحضر معها السفر، ولا تسافر نهي عن السفر فمن أقام قاصدًا ترك السفر يقال فيه: انتهى عن السفر، ومن لم يخطر له السفر بالكلية لا يقال له: انتهى عن السفر.

[القول الثالث: الخلاف لفظي، لأنهما متلازمان.]

ذهب إلى أن الخلاف لفظي: الكوراني (١) فقال: "هذا عين المذهب المختار إذ كف النفس من جزئيات فعل الضد " (٢).

ولابن تيمية عبارة يمكن حملها على هذا المعنى، فقد قال: "وتارك المأمور إنما يعاقب على ترك يقوم بنفسه وهو أن يأمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالفعل فيمتنع، فهذا الامتناع أمر وجودي، ولذلك فهو يشتغل عما أمر به بفعل


(١) هو: شهاب الدين أحمد بن إسماعيل بن عثمان بن أحمد بن رشيد بن إبراهيم التبريزي الكوراني القاهري ثم الرومي الشافعي عالم بلاد الروم، ولد سنة ٨١٣ هـ، بقرية كوران، وتميز في الأصلين والمنطق والفقه وغيرها، وكان قاضي قضاة عساكر الروم، توفي سنة ٨٩٣ هـ.
[البدر الطالع (١/ ٣٠ / ٢٤)، الضوء اللامع (١/ ٢٤١)].
(٢) في الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (١/ ٣٨٣): شهاب الدين أحمد بن إسماعيل الكوراني، تحقيق: د. سعيد بن غالب كامل المجيدي، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ط. الأولى (١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م)، ونقله عنه المرداوي في "التحبير شرح التحرير" (٣/ ١١٦٥).