للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيًا: السبب عند الأصوليين:

للأصوليين في تعريف السبب تعريفان مشهوران:

[التعريف الأول]

السبب: وصف ظاهر منضبط دل السمع على كونه معرفًا لحكم شرعي،

ذكره ابن مفلح (١) (٢).


= قد يوجد ولا يوجد المسبب، ولذلك فإن النفس تميل إلى أن التعريف اللغوي هو ما ذكرناه عن أهل اللغة وأن الذي ذكره الغزالي والسرخسي والسمعاني إنما كان لأجل الخلاف مع المعتزلة في ماهية السبب وهل هو مؤثر بذاته، والأصوليون ينقلون في كتبهم عن المعتزلة القول بأن الأسباب مؤثرة بذاتها [البحر المحيط (١/ ٣٠٨)]، وهذا موافق لما أصلوه من مسألة التحسين والتقبيح العقليين - إذ كون السبب مؤثرًا بذاته يقتضي أن مسببه لازم له قبل ورود الشرع، وأن العقل يطلع على ذلك - فأداهم الفرار من ذلك القول إلى القول بأن الأسباب معرفات - كما هو مذهب جمهور الأشاعرة - وظهر أثر ذلك في ذكرهم لحد السبب. وقد فرق ابن فورك في الحدود بين ما خرج على سبب وعند سبب [الحدود (١٥٩ - ١٦٠)]. وقد نص غير واحد من الأصوليين على المعنى الذي ذكره أهل اللغة كالآمدي [الإحكام في أصول الأحكام (١/ ١٧٠)، والمرداوي [التحبير شرح التحرير (٣/ ١٠٦٠)] ولعل هذا هو الأقرب للصواب.
(١) أصول الفقه لابن مفلح (١/ ٢٥١).
(٢) هو: إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح، برهان الدين أبو إسحاق. من أهل قرية (رامين) من أعمال نابلس. دمشقي المنشأ والوفاة. فقيه وأصولي حنبلي، كان حافظًا مجتهدًا، ولي قضاء دمشق غير مرة، من تصانيفه: (المبدع) وهو شرح المقنع في فروع الحنابلة، في أربعة أجزاء، (والمقصد الأرشد في ترجمة أصحاب الإمام أحمد)، توفي سنة ٨٨٤ هـ.
[الضوء اللامع (١/ ١٥٢)، وشذرات الذهب (٩/ ٥٠٧)، ومعجم المؤلفين (١/ ٦٦)].