لما كانت معرفة الدلالة هي المقصود الأعظم من تقسيم الترك، فإن من المناسب هنا عن الكلام عن دلالة الترك أن ينفرد كل قسم من قسمي الترك الوجودي بالبحث، وسوف يكون ذلك في مطلبين:
المطلب الأول: دلالة الترك المسبب.
المطلب الثاني: دلالة الترك المطلق.
ولابد هنا من الإشارة إلى عدة أمور:
أولًا: لابد من معرفة ما هو حكم ذلك المتروك قبل أن يتركه النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وذلك لأن طلب دلالة ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - معناه: ما الذي طرأ على ذلك المتروك من أحكام جديدة بترك النبي - صلى الله عليه وسلم - له، أي ما هو الأصل في المتروك.
والمتروك هذا أحد أمرين: أن يكون عبادة أو لا، فما هو الأصل في العبادات؟، وما هو الأصل في غير العبادات من أفعال المكلفين؟
المراد بالعبادات هنا: هي ما لا يقع إلا قربة ولا يصح إيقاعه على غير وجه القربة وهي ما يسميه العلماء بالتعبدات المحضة وليس المراد - بطبيعة الحال - العبادات بالتعريف الأعم إذ كل ما سوى العبادات المحضة قد يصير عبادة بالنية.
المشهور بين الدارسين أن الأصل في الأشياء هو الإباحة، وأن ذلك هو قول الجمهور، وهو ما اعتمدت عليه في هذه الدراسة، ومرادهم بالأشياء ما سوى العبادات المحضة، أما العبادات المحضة فالأصل فيها المنع والحظر فلا