النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث علمناه، وحيث لم نعلم فالأصل أن الفعل دال على الاستحباب إلى أن يدل الدليل على خلاف ذلك.
وبهذا تجتمع الأدلة ..
فما ذكره الأولون من أدلة على وجوب الاتباع نقول بها ولا نردها، ولا يلزمنا القول بالوقف بل ما ذكره الآخرون من امتناع الوقف في حكم الفعل وحمله على الندب لا غير نقول به ولا نرده، ولا يلزمنا حمل الاتباع على الاستحباب بذلك، ولعل هذا أوجه ما تحمل عليه الأدلة.
[حكم الاتباع والتأسي في الترك]
بناء على ما سبق فإن الاتباع في الترك واجب، كوجوبه في الفعل، ومعنى الوجوب في حقنا:
أن يكون حكم المتروك في حقنا هو حكم المتروك في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما لم يقم دليل على خلاف ذلك.
وهذا يقتضي أن:
ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لكونه حرامًا، فهو حرامٌ في حقنا.
وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لكونه مكروهًا، فهو مكروه في حقنا.
وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لسبب، تعلق الحكم في حقنا بذلك السبب، فإذا زال السبب عاد حكم المتروك إلى أصله.
وما تركه - صلى الله عليه وسلم - مما لم يقم في حقه مقتضٍ للفعل، كان حكم هذا المتروك في حقنا باقيًا على أصله. وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - إعراضًا عنه، ولم نعلم حكمه في حقه.