للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ومن أدلتهم على ذلك]

أولًا: أنه لو ثبت حكمٌ شرعي ولا دليل عليه للزم منه تكليف المحال.

ثانيًا: أن الله لو أمرنا بشيء، ولم يضع عليه دليلًا، لكان ذلك تكليف ما لا يطاق، وهو غير جائز.

ثالثًا: أن سائر الأصول كانت معدومة، فوجب بقاؤها على العدم، تمسكًا بالاستصحاب.

رابعًا: الأصل في كل ثابت بقاؤه على ما كان، وإنما يجوز العدول عن ذلك الأصل إذا وجد دليل يوجب الرجوع عنه، وذلك الدليل لا يكون إلا نصًا أو إجماعًا أو قياسًا، والحكم الذي ينتج من هذا الدليل ليس من باب تغيير الحكم بل هو من باب إبقاء ما كان على ما كان.

وسبب من ذهب إلى رد الاستدلال بعدم ما يدل على الحكم على عدم الحكم: أنه يلزم منه خلو الحادثة عن حكم شرعي وهذا باطل مردود (١).

فإذا قيل: إن المراد ليس ارتفاع الحكم بالكلية بمعنى خلو الواقعة عن


= مبحث: الأصل في المتروك.
(١) أي ويبقى حكم العقل إذ الإباحة عندهم حكم عقلي لأنه موجود قبل ورود الشرع، وقد سبق - في الهوامش - بيان أن هذه الإباحة حكم شرعي دل الشرع عليه فلا يلزم إذن هذا المحظور على هذا التوجيه، إذ ما من حادثة تجد، ولا واقعة تقع، ولا نازلة تكون، إلا ولله فيها حكم شرعي: سواء بالنص أو الاستنباط وهذا معنى قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، وهو مذهب أهل السنة خلافًا للمعتزلة.