للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر - رضي الله عنه -، ووافقته الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك (١).

وأوضح منه وأعظم نفي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لنصر بن حجَّاج من المدينة، وتحليقه رأسه لأن النساء يفتتنون به، أفترى أي ذنب جناه نصر بن حجاج كي ينفى من المدينة؟!، ولا يسع أحدًا أن يُخطئ عمر - رضي الله عنه - فإن ذلك - لو ثبت - (٢) كان بمحضر الصحابة، وهم أعظم وأكرم من أن يوافقوه على باطل، وتأويل فعل عمر - رضي الله عنه - هو أنه لما كانت مصلحة نفيه مستوفية للشروط التي ذُكرت جاز له ذلك، وإن كان في ذلك تعدٍ على حق ذلك الرجل، لكن لا يصلح الناس إلا بذلك.

ولو تتبعتُ ما فعله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وحده، وقضى به من أمور لا محمل لها إلا على المصلحة المرسلة بتلك الشروط التي ذُكرت لطال المقام، وفيما ذُكر كفاية.

حاصل القول هنا أن البقاء على الأصل لا خلاف فيه، والأصل في الأشياء المحقِّقة للمصالح الإباحة، لكن لابد من تلك الشروط لأجل حصول الإلزام العام بها، متى كان الإلزام العام قاضيًا بالتعدي على أصول ثابتة بالشرع، وهذا هو معنى كونها معتبرة. ولابد هنا من الإشارة إلى أن من العلماء من رد ذلك بل إن ذلك مما ينقل عن جمهور العلماء كما سبق.


(١) انظر: منهج عمر بن الخطاب في التشريع (ص ٩١ - ٩٨) للدكتور محمد بلتاجي، دار السلام، ط. الثانية (١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م).
(٢) انظر: الطرق الحكمية (ص: ٢٨)، منهج عمر بن الخطاب في التشريع (٣٢٣ - ٣٢٦).