هل كل مصلحة جاز الأخذ بها تكون من المصلحة المرسلة، أم تختص المصلحة المرسلة بمعناها الاصطلاحي بما ذُكر من أن يكون اعتبارها فيه تعدٍّ على أصلٍ أو حقٍّ ثابت فيشترط فيها ما ذكرناه من شروط لكي يجوز الأخذ بها؟
في ذلك مسلكان:
الأول: أن تختص المصلحة المرسلة بما يوجب تلك الشروط، فلا يدخل فيها: الفعل الباقي على الأصل - الذي هو الإباحة - سواء كان من وسائل العبادات أم لا.
الثاني: أن تكون كل مصلحة باقية على الإباحة مصلحة مرسلة، وبذلك تكون وسائل العبادات من المصالح المرسلة، وتكون تلك الشروط التي ذكرت خاصة بما إذا كان في اعتبار تلك المصلحة تعدٍّ على أصل أو حق ثابت.
فالطريق الأول يجعل المعنى الاصطلاحي أضيق من المعنى اللغوي وأخص منه، وهذا المعنى أقرب إلى ما استعمله الأصوليون عند الكلام على المصالح المرسلة.
والطريق الثاني يستعمل المعنى اللغوي في موضوعه، وإن كان تقييدها بالمرسلة لا فائدة منه إلا من جهة النص على موقعها في الشرع وهو خارج عن ماهية تعريفها.
والذي أميل إليه هو الطريق الأول، وذلك لأن العلماء لم يقضوا في كل مصلحة بأنها مصلحة مرسلة، ولا مشاحة في الاصطلاح بعد فهم المعاني.