تبين مما سبق أن الترك يعرف بطريقين، فالترك الثابت من الطريق الأول يصح أن يقال فيه أنه الترك المنقول، والنوع الثاني يصح أن يقال فيه أنه متروك النقل، وكل طريق منهما ينقسم الترك بحسبه إلى عدة أقسام، ولذا فإنه لأجل أن تتبين الأقسام التي ينقسم إليها الترك لابد أولًا من بيان أقسام كل طريق، ووجه هذه القسمة؛ من أجل الوصول إلى تقسيم صحيح للترك، وهذا يقتضي بيان تقسيم الأصوليين للأفعال؛ لأن الترك الوجودي فعل - كما سبق بيانه - فلابد من النظر في تقسيم الأصوليين للأفعال أولًا ثم النظر بعد ذلك في مدى صلاحية هذا التقسيم لاعتباره في الترك وهل يحتاج إلى نوع من التعديل أم لا، ثم بيان تقسيم الترك الكفي باعتبار تلك القسمة، ثم بيان الأنواع التي ينقسم إليها متروك النقل، وبجمع هذه الأقسام يمكننا الوصول إلى تقسيم مناسب للترك، وبيان ذلك في المطالب التالية.
[المطلب الأول: أقسام الترك المنقول]
[* قسمة الأصوليين للأفعال]
قسَّم الزركشي أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى تسعة أقسام هي:
١ - ما كان من هواجس النفس والحركات البشرية كتصرف الأعضاء وحركات الجسد، وهذا على الإباحة.