فالترك الذي لا يحصل سببه في حق الأمة يشمل: ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لكونه من خصائصه، وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - خشية أن يفرض العمل، وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لبيان التشريع، وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمراجعة الصحابة له، وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمجرد الطبع.
أما الترك الذي يحصل سببه في حق أمته - صلى الله عليه وسلم - فيشمل الترك للإنكار، وترك المستحب لبيان الجواز، وترك الواجب دفعًا للمفسدة، والترك بسبب النسيان أو المرض.
[النوع الأول: الترك الذي لا يوجد سببه في حق الأمة]
أما النوع الأول فلا يمكن حصول التأسي فيه؛ لأن الموافقة في صورة الفعل تقتضي أن يكون الترك لنفس السبب الذي اقتضى الترك في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا زال هذا السبب في حق الأمة فلا سبيل إذن إلى حصول التأسي فيه.
وهذا الترك الذي زال سببه إما أن يكون من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو ليس من خصائصه لكن يمتنع تحقق السبب بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -.
[* الترك الذي اختص به النبي - صلى الله عليه وسلم -]
فأما الترك الذي هو من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا سبيل إلى حصول التأسي فيه بوجه من الوجوه، إذ إن الخصوصية تنفي التأسي، والعكس بالعكس، فهما لا يتواردان على محل واحد.
والقول بأن الترك الذي هو من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يحصل فيه تأسٍّ