للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسبب في رفض الشوكاني عده من أقسام السنة أنه ظن أن ذلك يقتضي مشروعية التأسي به في فعل ما همَّ به وتركه، وليس ذلك بصحيح، بل التأسي فيه يكون بالنظر إلى التقسيم السابق: فإن كان ترك فعل ما همَّ به لمانع كان من قبيل الترك المسبب، وقد سبق بيان دلالة ذلك.

وإن كان تركًا مطلقًا فالمشروع هو المتابعة في الترك لا الفعل.

وفيما يلي بيان أمثلة على كلا النوعين:

١ - ترك ما همَّ به لمانع:

وهو بذلك يدخل تحت الترك لأجل مانع يخبر به، وقد سبق عده من أقسام الترك المسبب، ومما يندرج تحته ما ذكر هناك من حديث جدامة بنت وهب الأسدية - رضي الله عنها - أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم ذلك شيئًا" (١).

ومن هذا النوع أيضًا ما ذكره الزركشي، وأصله ما ورد من حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - قال: "استسقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه خميصة سوداء فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها، فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه" (٢).


(١) رواه مسلم (٢/ ١٠٦٦ / ١٤٤٢) كتاب النكاح، باب جواز الغيلة، وهي وطء المرضع.
(٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٣٥١) كتاب صلاة الاستسقاء، باب كيفية تحويل الرداء، وقال الحاكم في المستدرك (١/ ٤٦٧ / ١٢٢٢): "صحيح على شرط مسلم".