للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرض صحته فلا يقول قائل أنه يستحب مصالحة العدو به، بل الحق في ذلك أن يقال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - همَّ بأمر ولم يفعله لمانع ورد التصريح به، فيدل ذلك على أن ما همَّ به النبي جائز - إذ لا يهمُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بمحرم -، ثم منع مانع من فعله لما همَّ به فيعتبر مثل هذا المانع في حقنا.

وسيأتي الكلام على حديث تحريق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة.

ولذا فإن ما يظهر للباحث هنا هو:

أن ما همَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كان أمرًا يخفى ولا سبيل إلى معرفته إلا بالقول - فلا شك أن له دلالة إذا نقل، وهو بذلك من أقسام الترك الكفي؛ لأنه ترك ما هم به، علمناه من إخباره - صلى الله عليه وسلم -، وهذا النوع من الترك ينقسم إلى قسمين:

الأول: ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - مما همَّ به، وبين سبب ذلك فهذا يدخل في أنواع الترك المسبب.

الثاني: ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - مما همَّ به ولم يبين لنا سبب ذلك.


= وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منا ثمرة إلا قرى أو بيعًا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه؛ نعطيهم أموالنا، ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فأنت وذاك"، فتناول سعد - رضي الله عنه - الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال: ليجهدوا علينا، فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون وعدوهم يحاصروهم" [البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير (٩/ ٢٢٢ - ٢٢٤)]، وكل من ذكر الحديث إنما هو من هذا الطريق وهو مرسل، ولم أعثر على أحد صححه، فهو - والحال كما ذكرت - ضعيف.