للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان "المقتضي" الدي هو مورد التقسيم]

المراد بالمقتضي: الداعي إلى الفعل والباعث عليه كما يفهم من عبارة الشاطبي وابن القيم، وهذا الفعل لا يخلو أن يكون عبادة محضة أو لا، فما هو الذي يدعو النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن يفعل فعلًا ما، سواء كان ذلك الفعل عبادة أو عادة؟

الذي يذكره الأصوليون في ذلك أن الباعث على فعل العبادات هو التقرب، والباعث على فعل العادات والمعاملات هو المصلحة.

وذلك لأنهم يشترطون في العبادات أن تكون على وجه القربة بخلاف المعاملات التي تبنى أحكامها على المقاصد، يقول الشاطبي: "مقصود العبادات الخضوع لله - عز وجل - والتوجه إليه والتذلل بين يديه. . . وأن يكون ساعيًا في مرضاته وما يقرب إليه على حسب طاقته" (١)، ويقول في موضع آخر: "الأصل في العبادات بالنسبة إلى المكلف التعبد دون الالتفات إلى المعاني، وأصل العادات الالتفات إلى المعاني" (٢)، ومن الأدلة على ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُين لكم" (٣)، هذا في جانب العبادات، أما المعاملات فالكل يرى أن الشرع أثبت منها ما يحقق مصالح العباد، بل نقل الطوفي الإجماع على أن الشرع يراعي المصالح والمفاسد في الجملة (٤).


(١) الموافقات (٢/ ١٥٧).
(٢) الموافقات (٢/ ٢٠٦).
(٣) رواه الطبراني في المعجم الكبير (٢/ ١٥٥ - ١٥٦/ ١٦٤٧)، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٤/ ٤١٦): هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات.
(٤) شرح مختصر الروضة (٣/ ٢١٤).