القرائن فالأمر ظاهر في الوجوب، وليس نصًّا، والنهي ظاهر في التحريم، وليس نصًّا، فيجوز أن يحمل على غير ذلك المعنى إذا وجد الدليل الصارف.
إذن:
فالقول إذا عارضه ترك لموجبه كان ذلك دليلًا صارفًا عن ظاهره إلى أحد معانيه، وفيما يلي مثالين:
الأول: لتعارض الأمر مع الترك.
والثاني: لتعارض النهي مع الترك.
[مثال تعارض الترك مع الأمر: الوضوء من أكل ما مسته النار]
ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالوضوء مما ممشا النار، وورد عنه أنه أكل مما مسته النار ولم يتوضأ، ثم صلى، واختلف العلماء في الجمع بين تلك الأحاديث وفيما يلي بيان تلك الأحاديث وأوجه الجمع بينها.
أولًا: الأحاديث التي فيها الأمر بالوضوء مما مست النار:
١ - ما ورد من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"الوضوء مما مست النار"(١).
٢ - ما ورد عن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ أنه وجد أبا هريرة - رضي الله عنه - يتوضأ على المسجد فقال: إنما أتوضأ من أثوار أقط أكلتها لأني سمعت
(١) رواه مسلم (١/ ٢٧٢ / ٣٥١) كتاب الحيض، باب الوضوء مما مست النار.