للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يظهر لي أن هذه المسألة ما دامت مسألة أصولية فلا مناص من تحري أقوال الأصوليين في تلك المسألة المهمة، ولا يقتصر في إثباتها من عدمه على تتبع الخلاف في فرع فقهي، على أنه إذا أردنا إثبات القاعدة أو نفيها من خلال تتبع الخلاف الفقهي فإنه لا يصح الاعتماد على فرع فقهي واحد.

على أن الدكتور الأشقر عندما قام بتقسيم ترك النقل قام بتقسيم ترك النقل مع وجود المقتضِي وانتفاء المانع، وهو بذلك أيضًا لا يذكر كل أقسام ترك النقل بل يتكلم عن نوع خاص منه.

والبحث هنا بصدد إثبات القاعدة الأصولية المذكورة من عدمها فقط، والقسم الذي يثبته هذا الطريق هو الترك العدمي أي الترك الذي لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله، أما الأقسام التي ذكرها الدكتور الأشقر لترك النقل: فالذي يظهر للباحث أنها ليست أقسامًا لذات النقل، إنما هي قرائن تقوي دلالة القاعدة، وسوف تُناقش قضية القرائن المقوية لما تثبته القاعدة، وذلك بعد بحث ثبوت هذه القاعدة أولًا.

[المطلب الثاني: بيان مذهب الأصوليين في التلازم بين ترك النقل ونقل الترك]

لابد أولًا من تقرير عدة مقدمات وأمور في غاية الأهمية لفهم قضية التلازم بين ترك النقل ونقل الترك وهي ما يلي:

الأمر الأول: الأصل في الأفعال العدم (١)، فكل فعلٍ الأصلُ فيه أنه


(١) وذلك لأن أفعال العباد مخلوقة، أي لم تكن موجودة ثم وجدت، وهذا يقتضي أن عدم