للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التأسي به فيه" (١).

ولذا فلابد أولًا من بيان مذهب الأصوليين في التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الفعل.

وللأصوليين في تعريف التأسي اتجاهان مختلفان، ويختلف حكم التأسي عند كل اتجاه عن الآخر بسبب الاختلاف في التعريف، ومع ذلك فعامة الأصوليين على أن التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الترك مثل التأسي به في الفعل (٢)، سواء بسواء.

[بيان محل الاتفاق]

لا خلاف بين الأمة في الاستدلال بأفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الأحكام، وإنما الخلاف في وجه هذه الدلالة، وقد نص على ذلك غير واحد، فمن


(١) إرشاد الفحول (١/ ٢٢٥): الإمام محمد بن علي الشوكاني، تحقيق: سامي بن العربي الأثري، ط. الأولى (١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م)، دار الفضيلة - الرياض.
(٢) ذكر الدكتور الأشقر أنه لم يخالف في ذلك سوى القاضي عبد الجبار من المعتزلة فقال بالفرق بين الفعل والترك في التأسي، وقد أورد أجزاء من نص كلامه، وحاصل ما ذكره الأشقر أن القاضي عبد الجبار يرى أن التأسي في الترك دون التأسي في الفعل، ونقل من كلامه ما يدل على ذلك، ووجهه بأن الترك الذي لا أسوة فيه عند القاضي عبد الجبار هو الترك العدمي، وبالرجوع إلى نص كلام القاضي عبد الجبار في المغني (١٧/ ٢٦٨ - ٢٧٥) تبين أن الترك عند القاضي عبد الجبار يشمل النوعين المنقول والعدمي، وأنه يقول بأن الترك المنقول يمكن التأسي به فيه، أما الترك الذي ليس حاله كذلك فليس فيه تأسي، وحيث أن الكلام هنا على الترك المنقول، فلنا أن نقول أن حاصل كلامه يؤول إلى موافقة الجمهور فيما ذهبوا إليه.