للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولهم أن الترك الذي لمجرد الطبع لا تشرع فيه متابعة.

[* الترك لسبب لا يمكن وجوده الآن]

وأما الترك الذي لا سبيل إلى حصول سببه في حق آحاد الأمة فمثل ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأجل بيان الجواز، أو تركه لأجل مراجعة الصحابة له، أو لخشية أن يفرض العمل على الأمة، فهذا كله لا سبيل إلى حصول سببه الآن، فلا يمكن فيه تأسٍّ.

فترك النبي - صلى الله عليه وسلم - للمواظبة على صلاة الضحى لا تشرع فيه متابعة؛ لأن السبب الذي لأجله ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - المواظبة على صلاة الضحى زال بموت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا سبيل إلى وجوده البتة، وهذا هو ما فهمته عائشة - رضي الله عنها - فقالت: "وإني لأسبحها" (١).

ومثاله أيضًا: ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - المواظبة على قيام رمضان في المسجد جماعة، لا يصح أن يقال فيه: إن ذلك هو الأفضل في حق أمته؛ وذلك لأن السبب الذي ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - لأجله المواظبة قد زال، فلا يكون تارك القيام في رمضان جماعة متأسيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، بل العكس هو الصحيح: أعني: المصلي للتراويح في جماعة هو المتأسي.


= قوم أنهم قالوا بخلاف ذلك ورده انظر: المحقق من علم الأصول (ص ٤٧).
(١) رواه البخاري (٣/ ١٣ - ١٤/ ١١٢٨) كتاب التهجد، باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل والنوافل من غير إيجاب (٣/ ٦٧ / ١١٧٧) كتاب التهجد، باب من لم يصل الضحى ورآه واسعًا، ومسلم (١/ ٤٩٧ / ٧١٨) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى.