ويلزم منه أن الباقي على البراءة الأصلية لا يلزمه دليل، وإذا اعتبرنا معنى الاستصحاب - وهو أن الأصل بقاء ما كان على ما كان - هنا فإنه يصح أن نقول أن الناقل عن الأصل يلزمه الدليل سواء كان الأصل إثباتًا أم نفيًا، ويؤيد هذا ما قاله الصنعاني في "إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد" (ص ١٤٧): "لا شك أن لنا أصلًا متفقًا عليه وهو أنه لا يثبت حكم من الأحكام إلا بدليل يثمر علمًا أو أمارة تثمر ظنًّا وهذا أمر متفق عليه بين العلماء قاطبة". وانظر في بيان تلك المسألة: قواطع الأدلة (٢/ ٤٠ - ٤٤)، المحصول (٦/ ١٢١ - ١٢٢)، المستصفى (٢/ ٤٢١)، البحر المحيط (٦/ ٣٢ - ٣٤)، تشنيف المسامع (٣/ ٤٢٨). (١) الاستصحاب معناه: أن ما ثبت في الزمن الماضي فالأصل بقاؤه في الزمن المستقبل، وهو معنى قولهم: "الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يوجد المزيل فمن ادعاه فعليه البيان" [البحر المحيط (٦/ ١٧)]، وهو صور عديدة وقع فيها الخلاف ومن أهم صوره ما عبر عنه الزركشي بأنه استصحاب العدم الأصلي المعلوم بدليل العقل في الأحكام الشرعية، كبراءة الذمة من التكاليف حتى يدل دليل شرعي على تغييره كنفي صلاة سادسة، ونقل عن أبي الطيب الطبري أنه حجة بالإجماع [البحر المحيط (٦/ ٢٠)] وقال - الزركشي - في تشنيف المسامع (٣/ ٤١٨): "فالعقل يدل على وجوب انتفاء ذلك لا لتصريح الشارع لكن لأنه لا مثبت للوجوب فيبقى على النفي الأصلي لعدم ورود السمع، وأصحابنا مطبقون على كونه =