ثانيًا: ما لم يكن له مقتضي على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم حصل ذلك المقتضي بعد:
وهذا أيضًا ينقسم إلى جانبي العبادات والمعاملات.
أما العبادات فلا سبيل إلى القول بأن المقتضي لها - وهو التقرب - يمكن حصوله بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ لا تكون إلا بنص وتوقيف.
وعلى ذلك فالمقتضي الذي يحدث بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - مما لم يكن موجودًا على عهده هو ما يتعلق بالمصلحة وهو المعاملات الشرعية.
وهذا النوع لا إشكال في دلالته على الإباحة وأن الحكم متعلق بها بالمصلحة التي يرجى تحقيقها بعد استكمال شروطها بأن تكون مصلحة حقيقية - غير متوهمة -، عامة وليست خاصة، وهي بذلك على الإباحة بشرط أن لا يقصد بها التقرب.
حاصل القول إذن أن هذا النوع لا يكون في العبادات، وإنما يكون في وسائلها، أو في أبواب المعاملات والعادات والسياسة الشرعية.
فإذا كان في وسائل العبادات فهو على الإباحة، وإن كان في أبواب المعاملات واستوفى شروط المصلحة المرسلة جاز العمل بها، وإن لم يستوف الشروط جاز اعتبار تلك المصلحة دون أن يكون في اعتبارها تعد على أصل ثابت أو حق مشروع.