للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحزاب على ثلث ثمار المدينة ثم قال: فقال الشافعي ومن تابعه: إنه يستحب الإتيان بما همَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فرفْض الشوكاني لاعتبار أن ما همَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم - من أقسام السنة ما هو إلا نتيجة فهمٍ خاطئ لما ذكره الزركشي، والذي يظهر في ذلك أن ما نقله الزركشي عن الشافعي إنما هو خاص بالمثال الذي ذكره، ووصفه الأصولي أن ما همَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله ثم منعه منه مانع، وزال هذا المانع في حقنا فيستحب لنا فعل ذلك الفعل، وهذا ينطبق على المثال الذي ذكره الشافعي، ولأجل ذلك ذهب إلى أن للخطيب في الاستسقاء مع تحويل الرداء تنكيسه بجعل أعلاه أسفله بالحديث السابق.

أما المثال الذي مَثَّل به الشوكاني: فلم أجد أحدًا ذكره، والذي ورد من ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يصالح غطفان على ثلث ثمار المدينة، ولم يصح (١)، وعلى


(١) هذا الحديث ذكره ابن إسحاق في السيرة قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ومن لا أتهم، عن محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري قال: "لما اشتد على الناس البلاء بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر وإلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري - وهما قائدا غطفان - فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه، فجرى بينه وبينهما الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة في ذلك، فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل ذلك بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة - رضي الله عنهما - فذكر ذلك لهما واستشارهما فيه، فقالا له: يا رسول الله، أمرًا تحبه فنصنعه أم شيئًا أنزل الله لابد لنا من العمل، أم شيئًا تصنعه لنا؟ قال: "بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا أنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحد وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما"، فقال له سعد بن معاذ - رضي الله عنه -: يا رسول الله، قد كنا نحن =