للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يثبت منها إلا ما ورد الدليل به، وعلى ذلك عامة أهل العلم، وفي بيان ذلك يقول ابن تيمية: "تصرفات العباد في الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى" (١).

فالمتروك قبل أن ينقل إلينا كف النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه على الإباحة في غير العبادات، ممنوع منه في جانب العبادات.

وسيأتي الاستدلال على هذه القضية مفصلًا في أول الباب الثالث.

ثانيًا: بنى الدكتور الأشقر أحكام الترك على بحث الأصوليين في مسألة التأسي، وعدم التفرقة بين الفعل والترك في ذلك (٢)، وبناء الدلالة على مسألة التأسي هو ما تعتمده هذه الدراسة.

ثالثًا: ذهب الشيخ الغماري إلى أن الترك لا يدل إلا على الجواز (٣).


(١) مجموع الفتاوى (٢٩/ ١٧).
(٢) وبناء على ذلك ذهب إلى أن الترك إذا علم حكمه في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - فحكمنا فيه كحكمه إلا إذا قام الدليل على خلاف ذلك، كأن يكون لمجرد الطبع أو للخصوصية، أما إذا لم يعلم حكمه فإذا ظهر أنه تركه تعبدًا فهو مكروه وإلا فهو مباح.
(٣) قرر الشيخ الغماري أن الترك لا يدل على التحريم، وقال: "لم يأت في حديث أو أثر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك شيئًا لأنه حرام"، وقال أيضًا: "الترك وحده إن لم يصحبه نص على أن المتروك محظور لا يكون حجة في ذلك، بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع، وأن =