ومع أهمية هذا الباب، لم نقف على مؤلَّف أصولي واحد للأئمة المتقدمين يتناول هذه المسألة المهمة - مسألة التروك - بالدراسة المستقلة.
وهذه الأطروحة - التي يشرفني أن أقدم لها - تعد دراسة هامة، جديرة بالاطلاع عليها وفهمها، حيث تعدّ إثراء للمكتبة الإسلامية، وقد انتهى فيها الباحث - حفظه الله - لوضع تصوّر كامل عنها، بعدما بحثها من كافة جوانبها، حتى اكتمل تأصيل هذا الجانب الأصولي المهم.
وقد تطلب ذلك من الباحث - جزاه الله خيرًا - جهدًا كبيرًا في البحث والتنقيب، والجمع والإعداد، والمناقشة والترجيح، مما استلزم اطلاعًا وافرًا على المصادر الأصلية الأصولية، وكذلك في الدلالة عليها، والنقل من كتب الحديث المعتمدة، مع تخريجها والحكم عليها قبولًا وردًّا، مسترشدًا بأئمة هذا الشأن وفرسانه.
وقد امتازت هذه الأطروحة بسلاسة الأفكار وتسلسلها، والفحص الدقيق للأقوال ونظائرها، ونسبة كل قول إلى قائله والدليل عليه، مع تدوينٍ دقيقٍ للمصادر والمراجع، مما ينبئ عن سعة اطلاع، وفهم ثاقب للباحث حفظه الله ورعاه.
وقد كان الباحث - جزاه الله خيرًا - موضوعيًّا في اختياراته، منصفًا في مناقشاته، مع سعة صدر، ورحابة أفق، فجمع في رسالته ما تفرق في غيرها، ولملم شتات الأقوال ورجح بينها، في ترتيب رصين، وتبويب متين.
فصارت هذه الرسالة درعًا وسندًا لسنة خير المرسلين - صلى الله عليه وسلم -، فيفرح بها كل سني متبع، ويغصّ بها حلق كل مبتدع، إذ ردّ الباحث على هؤلاء