للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما بال دعوى الجاهلية"، قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال: "دعوها فإنها منتنة"، فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال: فعلوها!، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام عمر - رضي الله عنه - فقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دعه، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه" (١).

قال ابن تيمية: "وإنما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - قتله لما خيف من قتله من نفور الناس عن الإسلام لما كان ضعيفًا" (٢).

وقد ورد من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم قسمًا أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله، اعدل، فقال: "ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبت وخسرت إن لم أعدل"، فقال عمر - رضي الله عنه -: يا رسول الله، ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال: "دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق


(١) رواه البخاري (٨/ ٥١٦ - ٥١٧/ ٤٩٠٥) كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}، ومسلم (١٩٩٨/ ٤ - ١٩٩٩/ ٢٥٨٤) كتاب البر والصلة والآداب، باب نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا.
(٢) الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص ١٤٨): ابن تيمية، تحقيق: أبي عمرو الأثري، ط. الأولى (١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م)، دار ابن رجب، المنصورة - مصر.