ترك العجلة أن تتوفر دواعي الفهم والوعي لكل جزئية من جزئيات بحث الباحث، فمن فهم ما يقول استطاع أن يُوصِلَ المعلومة التي يريد للقارئ بأقل التكاليف، وبأيسر العبارات.
وقد أصبحت الرسائل العلمية - وللأسف - اليوم تخرج للناس وليس فيها هذه الميزة؛ فالطالب مقيَّد بوقت معين ليخرج رسالته، وهو بعد لم يتمرَّس في البحث والدراسة ومعرفة عبارات العلماء ودقائق المسائل، ولم تتكون لديه الملكة الفقهيَّة للاستنباط والاستخراج والتخريج، فأنى له كتابة المفيد، فلا أقلَّ من أن يتريث في البحث والكتابة، ولا يكتب إلا ما يفهم، ولا يُخرج ما يكتب إلا بعد الاستشارة والاستخارة، والعرض على أهل العلم وطلبته.
وأخيرًا أقول: كان لابد من وجود مثل هذه الدراسة العلميَّة المفصَّلة، التي تبين حقيقة الترك وأقوال أهل العلم فيه، مع التحرير والإنصاف والاستقراء والضبط، وتتبع مصادر السنة النبوية، وأقوال الصحابة - رضوان الله عليهم -، ومعرفة متى يُبنَى على الترك حكم ومتى لا يُبنَى عليه حكم، إذ السنة وعمل الأولين من السلف، المرجع المعتمد في تقرير القواعد وتحرير الفوائد العلميَّة التأصيلية، ويتبعهما في المرجعيَّة أقوال الأصوليين والفقهاء وتقعيداتهم، وبحسب القرب وعمل الأولين من السلف، بحسب ما يتقرر صدق القاعدة وأهميتها، وأتمنى على الباحث الكريم إن كان قد مر به أثناء كتابته لهذه الرسالة زيادة تفصيلات في مسألة الترك، أو مزيد أمثلة سنيَّة، أن يستكمله قبل طباعة هذه الرسالة؛ لتكون رسالته موسوعة علميَّة في هذا الموضوع.