للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرر إنسانًا على فعل، فتقريره إياه يدل على أنه غير محظور، ولو كان محظورًا لأنكره، ثم لا يمكن بعد ذلك قطع القول بكونه مباحًا أو واجبًا أو مندوبًا، بل تجتمع فيه هذه الاحتمالات، ولا يتبين من التقرير المطلق إلا نفي الحظر" (١)، وقد نص الشاطبي (٢) على أن دلالة الإقرار هي مجرد رفع الحرج، ونص جماعة منهم على أن دلالة الإقرار هي الإباحة: كابن حزم (٣) والغزالي (٤) والزركشي (٥) والمرداوي (٦)، وغيرهم.

وفسر الجصاص نفي الحرج بأنه يدل على جواز المُقَرّ عليه على الوجه الذي وقع عليه الإقرار؛ فإن كان المقر عليه فعلًا وقع على صفة الوجوب دل الإقرار على كونه واجبًا، وإن وقع الفعل على وجه الندب فأُقِر على هذه الصفة كان دليلًا على أنه مندوب (٧).

وإنه إذا لوحظ أن الفعل الذي وقع الإقرار عليه قد يوقعه صاحبه على غير صفة الإباحة، ثم لوحظ أن ترك الإنكار لا يدل إلا على مجرد الإذن في الفعل، كان ما ذهب إليه الجصاص هو أولى الأقوال بالاختيار، على أن الذي


(١) التلخيص (٢/ ٢٤٦ / فقرة ٩١٥).
(٢) الموافقات (٤/ ٤٥).
(٣) الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ٥٩٠).
(٤) المستصفى (٣/ ٤٧٢).
(٥) البحر المحيط (٤/ ٢٠١).
(٦) التحبير شرح التحرير (٣/ ١٤٩١).
(٧) أصول الجصاص (٣/ ٢٣٥).