للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيؤذن لها، ثم آمر رجلًا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لهذا العشاء" (١).

فليس في هذا الحديث ذكر للسبب المانع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تحريق بيوتهم بالنار، سوى ما ورد في رواية واحدة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا ما في البيوت من النساء والذرية، لأقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار" (٢).

ولكن هذه الرواية عن أبي هريرة - رضي الله عنه - لم ترد إلا من طريق أبي معشر


(١) رواه البخاري (٢/ ١٤٨ / ٦٤٤) كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة.
(٢) هذه الزيادة رواها أحمد في المسند [(١٤/ ٣٩٨) الأرنؤوط (٢/ ٣٦٧) الهندية] من طريق أبي معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة.
وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط (محقق المسند): أخرجه الطيالسي (٢٣٣٠) وابن أبي شيبة (١٠/ ٢٧٥)، والطبراني في (الدعاء) (١٣١٨)، والقضاعي في (مسند الشهاب) (٣١٥)، والخطيب البغدادي في تاريخه (٢/ ٢٧١ - ٢٧٢) من طرق كلها عن أبي معشر، - وسيأتي الكلام على أبي معشر - ولذا فمدار هذه الزيادة عليه، وقد ضعف هذه الزيادة الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للمسند، وضعفه الألباني في مشكاة المصابيح، وقال الأرناؤوط: إسناده ضعيف لضعف أبي معشر ولكنه قال، والحديث صحيح وهذا باعتبار أصل الحديث الذي في الصحيح، لكن ليس في أصل الحديث ما يشير إلى تلك الزيادة، فهي إذن لم تثبت من طريق صحيح، وفيها إثبات حكم ليس في الأصل، وعليه فالذي يميل إليه الباحث القول بضعف هذه الزيادة وعدم صحتها، ولو صحت هذه الزيادة لكان ترك ما همَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم - كله من أقسام الترك المسبب ولما أفرد بمبحث خاص به.