للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصول المتقدمين، بل غالب الأصوليين يترجمون لها بالأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، ومنهم من يقول: حكم أفعال المكلفين قبل ورود الشرع، والخلاف في ذلك لفظي يؤول إلى أمرٍ واحد؛ إذ المراد من حكم الأعيان حكم تناولها، الذي هو فعل المكلف، وهو ما يطلب حكمه في الحقيقة (١).

وهذه المسألة - عند النظر فيها بادي الرأي - نجد أن الأصوليين لم يتفقوا فيها على قول واحد، ويمكن القول بأن هذه المسألة كان للأصوليين فيها اتجاهان متباينان أولًا، ثم ظهر اتجاه ثالث:

الاتجاه الأول: أن أفعال المكلفين قبل ورود الشرع لله تعالى فيها حكم يمكننا معرفته بالعقل.

الاتجاه الثاني: أن أفعال المكلفين قبل ورود الشرع لله تعالى فيها حكم لا يمكننا معرفته.

الاتجاه الثالث: أن أفعال المكلفين قبل ورود الشرع لله تعالى فيها حكم عرفناه من الشرع لا من العقل.

فالأفعال لابد لله تعالى فيها من حكم:

فأما المعتزلة فقالوا: هذا الحكم - سواء كان هذا الحكم هو الحظر أو الإباحة - عرفناه بطريق العقل.

ثم ألزموا من قال بأن لها حكمًا بأن يقول: إن طريق معرفته العقل،


(١) وهذه المسألة عندهم لا تتناول الأفعال التي تقع على وجه التعبد، وهذه الأخيرة تناولها الأصوليون في باب الاستصحاب، وسوف أتعرض لذلك بالتفصيل بعد هذه المسألة.