للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما شاء من الدعاء (١).


(١) اختلف الفقهاء هل يجوز للإنسان أن يدعو بما شاء في صلاته أم يتقيد بالمنصوص؟ على قولين: الأول: عدم الجواز؛ وهو قول أبي حنيفة وأحمد، والقول الثاني: الجواز؛ وهو قول الشافعي ومالك.
قال البدر العيني في عمدة القاري (٦/ ١٦٩): ثم اعلم أن العلماء اختلفوا فيما يدعو به الإنسان في صلاته، فعند أبي حنيفة وأحمد لا يجوز الدعاء إلا بالأدعية المأثورة أو الموافقة للقرآن العظيم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" رواه مسلم، وذكره ابن أبي شيبة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - وطاووس ومحمد بن سيرين، وقال الشافعي ومالك يجوز أن يدعو فيها بكل ما يجوز الدعاء به في خارج الصلاة من أمور الدنيا والدين مما يشبه كلام الناس ولا تبطل صلاته بشيء من ذلك عندهما. اهـ.
وقال أيضًا في حديث التعوذ بعد التشهد: وفيه استحباب قراءة الأدعية في آخر الصلاة من الدعوات المأثورة أو المشابهة لألفاظ القرآن، وقال الكرماني: قالت الشافعية يجوز الدعاء في الصلاة بما شاء من أمر الدنيا والآخرة ما لم يكن إثمًا، قال ابن عمر: لأدعو في صلاتي حتى بشعير حماري وملح بيتي. اهـ.
وهذا الحديث دليل لأصحاب القول الثاني القائلين بالجواز وهو اختيار جماعة من العلماء كابن عبد البر، وابن حجر.
قال ابن عبد البر في التمهيد (٦/ ١٠٤): وفي حديث هذا الباب - يعني حديث رفاعة - لمالك أيضًا دليل على أن الذكر كله والتحميد والتمجيد ليس بكلامٍ تفسد به الصلاة، وأنه كله محمود في الصلاة المكتوبة والنافلة مستحب مرغوب فيه وفي حديث معاوية بن الحكم - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التكبير والتسبيح والتهليل وتلاوة القرآن" فأطلق أنواع الذكر في الصلاة، فدل على أن الحكم في الذكر غير الحكم في الكلام وبالله التوفيق. اهـ.
قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٣٣٥) في شرح حديث (حمدًا كثيرًا. . . . .): واستُدِل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور. اهـ. =