للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل أذان؟ قالوا: نعم، فبات تلك الليلة وأصبح متواجدًا يزعم أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منامه، وأنه أمره أن يذهب إلى المحتسب ويبلغه عنه أن يأمر المؤذنين بالسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل أذان، فمضى إلى محتسب القاهرة وهو يومئذ نجم الدين محمد الطنبدي، وكان شيخًا جهولًا سيء السيرة في الحسبة والقضاء، متهافتًا على الدرهم ولو قاده إلى البلاء. . .، وقال له: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تتقدم لسائر المؤذنين بأن يزيدوا في كل أذان قولهم: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يفعل في كل ليالي الجمع.

فأعجَب الجاهل هذا القول، وجهل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يأمر بعد وفاته إلَّا بما يوافق ما شرعه الله على لسانه في حياته، وقد نهى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الزيادة في شرعه، حيث يقول: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم ومحدثات الأمور"، فأمر بذلك في شعبان من السنة المذكورة وتمت هذه البدعة واستمرت إلى يومنا هذا في جميع ديار مصر وبلاد الشام، وصارت العامة وأهل الجهالة ترى أن ذلك من جملة الأذان الذي لا يحل تركه، وأدى ذلك إلى أن زاد بعض أهل الإلحاد في الأذان ببعض القرى السلام بعد الأذان على شخص من المعتقدين الذين ماتوا، فلا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون" (١) اهـ. باختصار.


(١) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بـ "الخطط المقريزية" (٣/ ٢٠٩)، تأليف: تقي الدين أحمد بن علي المقريزي، تحقيق: د. محمد زينهم، مديحة الشرقاوي، مكتبة =