أولًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سكت عن حكم المرأة في حديث الأعرابي، مع علمه بوقوع الجماع منها، فدل ذلك على أنه ليس عليها كفارة، فالمقام مقام بيان مع الحاجة، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة.
واعترض علي ذلك بأنه يحتمل أن المرأة لم تكن صائمة، أو أن المرأة لم تعترف، واعتراف الزوج لا يوجب عليها الحكم، أو أن بيان الحكم للرجل بيان للمرأة، أو أنه عرف حال المرأة من حال زوجها.
ثانيًا: رواية: "هلكت وأهلكت" دليل على أنه أكرهها فلذلك لم يجب عليها شيء.
وأجيب عن ذلك بأن هذه الزيادة لم تثبت، ولو ثبتت فلا دلالة فيها، إذ قد يكون المعنى: هلكت بأن أوقعت بنفسي كفارة لا أستطيعها، وأهلكت نفسي بالإثم: أو أن المعنى أهلكت من طاوعتني بأن حملتها إثمًا.
القول الثالث: أن عليها كفارة داخلة في كفارة زوجها.
وهو أحد أقوال الشافعي (١).
والذي يميل إليه الباحث أنه ليس عليها كفارة، وهو القول الثاني؛ وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بشيء، والمقام مقام بيان، ولو كان الحكم يختلف باختلاف الأحوال لاستفصل النبي - صلى الله عليه وسلم - منها، والواقعة ذكرها الراوي على سبيل الاستشهاد، فيبعد أن يقع السؤال من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا ينقله الراوى، فهذا القول أقرب الأقوال لما ذُكر من قواعد.