ولم نغفل عن إصدار دراسات معاصرة متميزة من الرسائل العلمية وغيرها فأخرجنا (القيمة الاقتصادية للزمن) و (نوازل الإنجاب) وفي الطريق -بإذن الله تعالى- ما تقر به العيون من دراسات معاصرة في القرآن والسنة، ونوازل الأمة.
واليوم يسرنا أن نقدم لكم كتاب التروك النبوية، لمؤلفه محمد صلاح محمد الإتربي، وهو بحث بذل فيه مؤلفه جهدًا كبيرًا، وأراد من خلاله أن يقدم للقارئ شرحًا موسعًا عن موضوع التروك النبوية.
وتظهر أهمية مبحث التروك في أنه أحد قسمي السنة، فكما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مشرعًا بقوله وبفعله، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مشرعًا بالترك كذلك وقد ورد في السنة ما يشير إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قاصدًا الترك وأن الصحابة - رضوان الله عليهم- كانوا ينقلون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الترك كما كانوا ينقلون عنه الفعل سواء بسواء، وما ذاك إلا لما استقر في أذهانهم أن ذلك تشريع للأمة وبيان للأحكام، وأن الترك يتعلق به أحكام شرعية وثواب وعقاب وتكليف.
فترك النبي صلى الله عليه وسلم له جانب تشريعي مهم لا يمكن إغفاله أو التغاضي عنه، ولابد للمجتهد من معرفته، وذلك لتوقف الحكم في كثير من مسائل النوازل عليه كما أنه مؤثر في الحكم على العمل بالبدعية أو السنية وكذا في تمييز المصالح المرسلة من غيرها.
والترك وثيق العلاقة بباب المقاصد، ولا يكتمل البحث في المقاصد دون البحث في الترك، فمجال البحث التطبيقي في المقاصد لا يكتمل إلا بتناول جانب الترك، كما أن سد الذرائع، وهو من الأدلة التي أخذ بها الجمهور، تندرج أغلب مسائله أيضًا في الترك.
لكن ما هي صفة هذا الترك، وهل كل ترك منه - صلى الله عليه وسلم - يكون حجة، أم أن منه ما هو حجة ومنه ما ليس بحجة، وهل استنبط الفقهاء أحكامًا شرعية من تركه - صلى الله عليه وسلم -، وما هي الضوابط التي قام عليها هذا الاستنباط إن وجد؛ هذا ما أراد الباحث بيانه في هذه الدراسة، نسأل الله تعالى أن ينفع بها ويجزيه عليها خير الجزاء.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم تسليمًا كثيرًا.