للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السجدة التي تركها إمامهم، فإن سجدوها لم تجزهم عند سحنون: ولكن لا تبطل صلاتهم ولعله لأجل الاختلاف، فإن رجع إليها الإمام وجب عليهم عنده سجودها معه وإن كانوا قد سجدوها، وعند غيره يعتدون بها ولا يعيدونها. كما يأتي إن شاء الله. وإنما لم تجزهم عند سحنون وإن سجدوها حيث تركها الإمام؛ لأنه يقول: كل ما لا يحمله الإمام عمن خلفه يكون سهوه عنه سهوا لهم وإن هم فعلوه.

فإذا جلس قاموا؛ يعني أن المأمومين إذا أتوا بتلك الركعة التي صارت أولى لهم ولإمامهم، ثم جلس عقب هذه التي ظنها ثانية وهي أولى في نفس الأمر، فإنهم لا يتبعونه في الجلوس بل يقومون؛ لأن ذلك ليس بموضع جلوس، فينتظرونه قياما حتى يأتيهم. كقعوده بثالتة التشبيه في أنهم يقومون؛ يعني أن الإمام إذا جلس بعد إتيانه بثلاث ركعات في مسألتنا هذه، فإن المأمومين يقولون ولا يجلسون معه، وقوله: "بثالثة"؛ أي في نفس الأمر لبطلان الأولى بترك سجدة من سجدتيها. وأما الإمام فيظنها رابعة، وإذا لم يجلس الإمام في الثانية في نفس الأمر لظنه أنها ثالثة، فإنهم يقومون لأجل متابعة الإمام؛ ولا يجلسون كما يعلم مما تقدم في قوله: "وتبعه مأمومه". فإذا تذكر الإمام قبل سلامه، أتى بركعة بناء؛ أي بالفاتحة فقط يتابعه فيها القوم، فإن لم يتذكرت وسلم بطلت صلاته، وأتوا هم بعد سلامه بركعة بناء لا قضاء، ولا ينتظر قدر بنائه لبطلان صلاته؛ لأن سلامه عند سحنون بمنزلة الحدث. وأمهم أحدهم؛ يعني أنه يجوز أن يؤمهم أحدهم في الركعة التي يأتون بها بعد سلامه، وإن شاءوا أتوا بها أفذاذا، وعلى كل فتصح لهم دونه. كما مر. وسجدوا قبله؛ يعني أنهم إذا أتوا بالركعة فإنهم يسجدون قبل أن يسلموا لنقصر السورة والجلسة الوسطى. وقوله: وأمهم أحدهم هو الجاري على المشهور من رجوع الثانية أولى، وقيل: لا يؤمهم؛ وهو الجاري على مقابله، ومبنى القولين أن الركعة التي يأتون بها، هل هي بناء أو قضاء؟ فعلى أنها قضاء لا يؤمهم فيها أحدهم؛ لأن المأموم إذا قام لقضاء ما عليه لا يأتم به غيرد فيه، وعلى أنه بناء يؤمهم أحدهم ويتنزل سلامه منزلة حدثه. كما قال الإمام المازري. والإمام إذا أحدث فللمأموم أن يستخلف، وجوز ابن عرفة الائتمام على القول بأنها قضاء أيضا، وعليه فالقضاء المانع من الجماعة هو ما فات المأمومين دون إمامهم. والله سبحانه أعلم.