[فصل: في بيان النذر وأحكامه وبيان ما يلزم منه وما لا يلزم]
والنذر بذال معجمة ساكنة لغة: الوعد بخير أو شر، يقال: نذرت لله تعلى نذرا بالفتح، معناه وعدت، ونذر بالكسر نذارة علم بالشيء. قاله الشيخ إبراهيم، وغيره. وقال الشيخ الخرشي: قال في التنبيه: النذور جمع نذر وربما جمع على نُذُر بضم النون والذال، يقال: نذرت أنذر بفتح الذال في الماضي وبكسرها وضمها في المستقبل ومعناه الالتزام. انتهى. واصطلاحا اسمان أعم وأخص، فالأعم إيجاب أمري على نفسه لله تعالى أمرا، لحديث من نذر أن يعصي الله فلا يعصه، وأطلق الفقهاء على المحرم نذرا، والأخص التزام طاعة بنية قربة لا لامتناع من أمر، هذا يمين حسبما مر. قاله ابن عرفة. قوله: لا لامتناع من أمر، تصريح بمفهوم قوله: بنية قربة، فهو كالمؤكد له.
وعرفه المؤلف بما هو قريب من الأعم، فقال: النذر التزام مسلم كلف؛ يعني أن النذر هو أن يلتزم مسلم مكلف أمرا من الأمور هذا ظاهره، ومقتضاه أن التزام الطاعة نذر، وإن كان لامتناع من أمر. قاله الشيخ بناني. وقال الشيخ عبد الباقي: وأراد المص بالتزام إيجابة على نفسه قربة، بدليل قوله: وإنما يلزم بة ما ندب، وقوله:"مسلم"، احترز به من الكافر فلا يلزمه ما نذره، وندب له الوفاء بة إن أسلم، واحترز بقوله:"كلف"، من الصبي فلا يلزمه ما نذره ميز أم لا، وندب له الوفاء بة إذا بلغ كما هو المنصوص، والبحث الذي ذكره الشيخ عبد الباقي ساقط، وكذا لا يلزم المجنون، وشمل قوله:"مسلم" العبد. واعلم أن الرقيق إذا نذر ما يتعلق بجسده كصوم وصلاة، فإن لم يضر بالسيد لم يمنعه تعجيله، وإن أضر فله منعه ويبقى في ذمته. أبو عمر: وهذا في غير المؤقت، وأما المؤقت ففي سقوطه بخروج وقته ولزوم قضائة قولان، وإذا نذر مالا فلسيده منعه من الوفاء بة في حال الرق، فإذا أعتق وجب عليه الوفاء بما نذر، فإن رد سيده نذره بطل ولم يلزمه الوفاء بة إن أعتق، وإلى ذلك أشار ابن غازي بقوله:
أبطل صنيع العبد والسفيه … برد مولاه ومن يليه
وقيل يلزمه الوفاء بة بعد العتق وإن رده السيد، وهذا الخلاف جار في تبرع العبد والسفيه مطلقا هبة أو صدقة أو غيرهما.