(فصل) يذكر فيه حكم القيام في الصلاة، وما يطلب به المصلي عند العجز عنه، وما يتعلق بذلك. وبدأ ببيان حكمه في الصلاة المفروضة، فقال:(يجب بفرض قيام) يعني أن الصلاة المفروضة يجب فيها القيام، وذلك في ثلاثة مواضع منها: عند تكبيرة الإحرام، وفي قراءة الفاتحة، وفي الركوع. وقوله:"قيام": استقلالا أي غير مستند لشيء استنادا يسقط لأجله بزوال ما استند له، وقوله:"فرض"؛ أي عيني ولو بنذر إن نذر فيه القيام فيجري فيه ولو سقط قادر بزوال الخ، أو كفائي على الوجوب لا على السنية فيندب، وقوله:"قيام"؛ أي استقلالا -كما مر- ولو لم يقدر معه على طمأنينة ولا اعتدال. والقيام فيما مر خاص بتكبيرة الإحرام والقيام للفاتحة، وهذا أعم فيشمل الركوع، واحترز بقوله:"فرض"، عن النفل -كما يأتي- وقيل: يجب القيام للوتر وركعتي الفجر، وهذا ضعيف، والراجح جواز الجلوس فيهما. فالمراد بالفرض هنا ما قابل النفل الشامل للسنة كما في الشبراخيتي. وعلم مما مر قريبا أن قوله:"يجب بفرض قيام"، غير مكرر مع ما تقدم من وجوب القيام لشمول ما هنا للركوع، وأيضا هذا توطئة لا بعده. كما قاله غير واحد. وأما القيام للسورة فقد مر أنه سنة، وكون من قرأها جالسا تبطل صلاته، هو من باب تعمد كسجدة ولأجل ذلك إذا استند في حال قراءتها لا تبطل صلاته. -كما يأتي إن شاء الله تعالى- وقوله:"يجب بفرض"، شامل للصبي، ومعنى الوجوب في الصبي أن هذا فعل لا تصح الصلاة إلا به: وقوله: "بفرض" الباء بمعنى "في"، كما يفيده الشارح.
تنبيه إذا كبر المأموم وهو راكع لا يحمل ذلك عنه الإمام، وكذا إذا جلس المأموم في التشهد الأول حتى ركع الإمام، وقام هو وركع من غير قيام لا يحمله. ابن الفخار: ولو جلس في التشهد حتى اطمأن الإمام راكعا فليقم وليركع، فإن لم يقم لم يحمل الإمام عنه. كما في الحطاب. انتهى خلافا لظاهر أبي محمد؛ وهو خلاف مذهب مالك. انظر الحطاب.
(إلا لمشقة) يعني أن وجوب القيام في الصلاة المفروضة إنما هو حيث لم تلحق منه مشقة فادحة، وأما إذا خاف أن تلحقه منه مشقة فادحة فإن ذلك يبيح له الصلاة جالسا، وظاهره أن الصحيح الذي لا يخاف إلا المشقة الحالية يصلي جالسا؛ وفيه نظر، بل هذا لا يصلي إلا قائما على المشهور.