للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل: في النوافل، واعلم أنه نقل في رياض الصالحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن (١)). انتهى. وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أول ما افترض الله تعالى على أمتي الصلواتُ الخمس، وأول ما يسألون عنه الصلوات الخمس، فمن ضيع شيئا منها يقول الله تبارك وتعالى: انظروا هل تجدون لعبدي نافلة من صلاة تتمون بها ما نقص من الفريضة؟ وانظروا في صيام شهر رمضان فإن كان ضيع شيئا منه فانظروا هل تجدون لعبدي نافلة من صيام تتمون بها ما نقص من الصيام؟ وانظروا في زكاة عبدي فإن كان ضيع شيئا منها فانظروا هل تجدون لعبدي نافلة من صدقة تتمون بها ما نقص من الزكاة؟ فيؤخذ ذلك على فرائض الله وذلك برحمة الله، فإن وجد فضل وضع في ميزانه، وقيل له ادخل الجنة مسرورا. وإن لم يوجد له شيء من ذلك أمرت به الزبانية فأخذ بيديه ورجليه ثم قذف في النار (٢)). انتهى.

وقال ابن رقيق العيد في تقديم النوافل على الفرائض وتأخيرها معنى لطيف مناسب: أما التقديم فلأن النفس لاشتغالها بأسباب الدنيا بعيدة عن حالة الحضور والخشوع التي هي روح العبادة: فإزا قدمت النوافل على الفرائض أنست النفدى بالعبادة وتكيفت بحالة تقرب من الخشوع، وأما تأخيرها عنها فقد ورد أن النوافل جابرة لنقص الفرائض، فإذا وقع الفرض ناسبه أن يقع بعده ما يجبر به خلل فيه انتهى. نقله الشيخ محمد بن الحسن. واعلم أنه يكره التنفل بهذه النية، قال في سماع ابن القاسم: وليس من عمل الناس أن يتنفل ويقول: أخاف أني نقصت من الفرائض، وما سمعت أحدا من أهل الفضل يفعله.

ندب نفل؛ يعني أن النفل مندوب، والمندوب ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه. وقوله: "ندب نفل"؛ يعني في كل وقت يجوز فيه التنفل ليلا أو نهارا، ولا فرق في ذلك بين الحاضر والمسافر. انظر تحقيق هذا في أول فصل القصر، والأصل في ندب النافلة قوله صلى الله عليه


(١) كنز العمال، رقم الحديث: ١٨٢٦.
(٢) كنز العمال، رقم الحديث: ١٨٨٥٩.