للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل: ذكر فيه فرائض الوضوء، وسننه، وفضائله، والصحيح أن المختص بهذه الأمة الغرة والتحجيل فقط لخبر (لكم سيما ليست لأحد من الأمم تردون عليَّ محجلين (١)) لا الوضوءُ لآثار وردت بالاشتراك في أصل الوضوء، وفي البخاري ومسلم عنه -صلى الله عليه وسلم-: (إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل (٢) وظاهره أن هذا المعنى إنما يكون لمن توضأ في الدنيا لقوله: من آثار الوضوء، وفيه رد على الزناتي المالكي في شرح الرسالة عن العلماء أن هذا الحكم ثابت لهذه الأمة يوم القيامة، من توضأ منهم، ومن لم يتوضأ. كما يقال لا نكفر أحدا بذنب من أهل القبلة من أمة محمد سواء صلى أو لم يصل، وتعقب هذا الرد بأن التيمم يقوم مقام الوضوء. والله سبحانه أعلم. وقوله: في الحديث سيما بكسر السين يمد ويقصر؛ أي علامة ليست لأحد من الأمم، وقوله: غرا بضم الغين المعجمة وتشديد الراء جمع أغر؛ أي ذو غرة، والغرة بياض بجبهة الفرس فوق الدرهم شبه به ما يكون لهم من النور يوم القيامة، والتحجيل أصله من الحجلة بكسر الحاء الخلخال بياض في قوائم الفرس الأربع أو في ثلاث منها أو في غيرها. والمراد النور الذي يكون لهم في أطرافهم، وقوله: يدعون أي إلى موقف الحساب: أو إلى الميزان، أو إلى الصراط، أو إلى الحوض أو غير ذلك.

واعلم أن شرائط الوضوء ثلاثة أقسام: شروط وجوب وصحة، وشروط وجوب فقط، وشروط صحة فقط، فالأول خمسة: عقل، وبلوغ الدعوة، وانقطاع الحيض، وانقطاع النفاس، ووجود مطلق كاف. والثاني ستة: دخول وقت حاضرة، أو تذكر فائتة، وبلوغ، وعدم إكراه على تركه، وعدم نوم وسهو عن العبادة المطلوب لها الوضوء، وقدرد على استعماله، وثبوت الموجب من حدث أو مشكوك. فيه والثالث ثلاثة: الإسلام ولو حكما كوضوء من أجمع على الإسلام ثم أسلم، وعدم كانك وناقض حال فعله وهذا في حق المكلف، وأما الصبي فكل من هذه الأقسام الثلاثة شرط في الصحة واستحباب ذلك له. ومثل الوضوء في الأقسام المتقدمة كلها الغسل. وكذا التيمم إلا في وجود مطلق فالصعيد بدله أي المطلق، وإلا في دخول الوقت فشرط وجوب وصحة، ومكروهاته


(١) لكم سيما ليست لأحد من الأمم تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء. مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٤٧.
(٢) البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث: ١٣٦. - مسلم، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٤٦. واللفظ للبخاري.