حوزه بالقبض وهو دين، فاكتفي فيه بالإشهاد والغائب يمكن حوزه بقبض المرتهن أو وكيله فلا يلزم أن يكتفى فيه بالإشهاد. انتهى.
قلت: وحمله على ما ذكره متعين لأن كلامه أولا وآخرا صريح في أن مراده بالصحة الانعقاد كما يظهر ذلك بأدنى تأمل، ولأن حمله على ما فهموه منه يؤدي إلى صريح التناقض في كلامه وتَهَافُتِ جوابه؛ ولأنه ذكر في الدين أمرين الصحة والاكتفاء بالحوز، ثم قال: والظاهر هنا الصحة فلو أراد ما فهموه مه قال مثلا والظاهر هنا أنه كذلك، فعدوله عن هذه العبارة أو ما يفيد معناها دليلٌ واضح على ما ذكرناه، واستدلاله بكلام المدونة في هبة الدار الغائبة من أعظم الأدلة على ذلك؛ لأن الرهن والهبة إنما يفترقان إذا جد في الحوز في الحاضر. وأما الغائب فتبطل فيه الهبة أيضا مع الجد في الحوز على مذهب المدونة والموازية والعتبية، وهو الراجح كما يأتي في الهبة عند قوله:"أو جد فيه" فكيف يعقل مع ذلك أن يقال بعدم بطلان رهنه؟ وفائدة الصحة التي استظهر الحطاب تظهر فيما إذا امتنع الراهن من تمكين المرتهن من ذلك قبل حصول المانع، فتأمله بإنصاف. قاله الرهوني.
تنبيه: ظاهر كلام الحطاب أن ما ذكره في مسألة الدين لا نزاع فيه وأنه لا فرق بين أن يكون عليه رسم أو لا وليس كذلك، ففي النتقى ما نصه: فإن كان دين له ذكر حق فحيازته أن يدفع إليه ذكر الحق ويشهد له به عند حوزه، ويكون أحق به من الغرماء في الموت والفلس. قاله مالك في الموازية. ثم قال: قال ابن القاسم في المجموعة: إن لم يكن فيه ذكر حق فأشهد فلا بأس بذلك ونحوه عن مالك، وقال ابن القاسم أيضا: إذا لم يكن فيه ذكر حق لم يجز إلا أن يجمع بينهما، وإذا كان فيه ذكر حق جاز ذلك وهو ظاهر قول مالك في الموازية. انتهى.
ونقله ابن عرفة مختصرا وزاد عقبه ما نصه: اللخمي: حوز ماله ذكر حق بأخذه ويجمع بين المرتهن والغريم ويقدم إليه بحضرة بينة أن لا يُقبضه إياه حتى يقضي حقه، فإن فعل غرمه ثانية لإتلافه على المرتهن وإن كان الغريم غائبا ولا عليه ذكر حق أجزأ فيه الإشهاد وفيه اختلاف. ابن عات: وقيل لا يكون رهنا حتى يجمع بينهما ويقر الذي عليه الدين بذلك ويتفقا، ومتى لم يتفقا لم يكن رهنا ففي الحوز بمجرد الإشهاد فيما لا ذكر حق له أو لابد من الجمع بين المرتهن