فصل يذكر فيه المسح على الخفين؛ وهو إمرار اليد المبلولة في الوضوء على خفين ملبوسين على طهارة مائية تحل بها الصلاة بدلا عن غسل الرجلين. والمسح على الخفين مروي عن سبعين صحابيا، نص عليه الشاذلي في التحقيق رخص بالبناء للمفعول ونائبه مسح الآتي؛ يعني أن المسح على الخفين رخصة، والرخصة بإسكان الخاء لغة: السهولة، واصطلاحا: حكم شرعي متغير من صعوبة لسهولة لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي، والصعوبة هنا: وجوب غسل الرجلين، والسهولة: جواز المسح، والعذر هنا هو: مشقة النزع واللبس، والسبب للحكم الأصلي: القيام إلى الصلاة. قال جل من قائل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} الآية. والحكم هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين من حيث إنهم مكلفون، وهذا على رأي الأكثر. ورأى بعضهم أن بعض أقسام الحكم يتعلق بغير المكلف؛ وهو الندب، والإباحة، والكراهة. والذي يخص المكلف إنما هو الوجوب، والحرمة. وعلى هذا يجري الخلاف في تعلق هذه الرخصة بغير المكلف. والرخصة بفتح الخاء: المتتبع للرخص. انتهى ملخصا من حاشية الشيخ بناني، والشبراخيتي. وفي الخرشي أن الرخصة تكون واجبة ومندوبة ومباحة، وخلاف الأولى كأكل الميتة، والقصر والسلم وفطر مسافر لا يجهده الصوم، فالرخصة حل المذكورات من وجوب وندب وإباحة وخلاف الأولى، وحكمها الأصلي الحرمة، وأسبابها؛ أي الحرمة: الخبث في الميتة، ودخول وقتي الصلاة والصوم لا القصر، والفطر؛ لأنه سبب لوجوب الصلاة تامة، والصوم والغرر في السلم؛ وهي قائمة أي موجودة حال الحل وأعذار الحل الاضطرار ومشقة السفر، والحاجة إلى الثمن، وسهولة الوجوب في أكل الميتة لموافقته لغرض النفس في بقائها، وقيل عزيمة لصعوبته من حيث وجوبه. ومن الرخصة إباحة ترك الجماعة لمرض مثلا، وحكمه الأصلي الكراهة الصعبة بالنسبة إلى الإباحة، وسببها الانفراد فيما يطلب فيه الاجتماع من شعائر الإسلام، فإن لم يتغير الحكم أصلا كوجوب الصلوات الخمس، أو تغير إلى صعوبة كحرمة اصطياد المحرم، أو إلى سهولة لا لعذر كحل ترك الوضوء لصلاة ثانية مثلا لمن لم يحدث بعد حرمته في صدر الإسلام، أو لعذر لا مع قيام السبب للحكم الأصلي كإباحة ترك ثبات الواحد مثلا من المسلمين للعشرة من الكفار في القتال، وسبب الحرمة قلة المسلمين ولم تبق مع الكثرة