ذلك أنه إن استمر على ردته بعد بلوغه استتيب وإلا قتل، فإذا سب وهو صغير مميز ثم بلغ فتاب أو أنكر ما شهد به عليه فالظاهر أنه ينفعه ولا يقتل لأنه قذف من غير مكلف. انتهى.
تنبيهات: الأول: قال عبد الباقي: قال في تكميل التقييد: ذكر الوانوغيُّ عن تعلقة القابسي، سئل ابن أبي ليلى عمن سب الحور العين فقال: حده ضرب السيف. انتهى. والمتبادر منه أنه لا يستتاب كمن سب نبيا، ويحتمل أنه كالمرتد كمن سب عائشة بما برأها اللَّه منه لأنه في كل خالف القرآن، وفي المدخل: من قال عن نبي من الأنبياء في غير التلاوة والحديث عصى أو خالف فقد كفر. انتهى. وقد يتبادر منه أنه مرتد ويحتمل أنه ساب. انتهى.
الثاني: قال الأبي: الحديث يعني حديثا ذكره نص في أن نسبة الرجل غيره إلى عداوة اللَّه تعالى تكفير له، وهو دليل قوله تعالى:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ}. الآية. وكانت نزلت مسألة سنة أربع وثمانين وسبع مائة بتونس في رجل يدعى القبطان، قال لرجل في أثناء نزاعهما: أنا عدوك وعدو نبيك فَعُمِلَ فيها مجلس على أمر خليفة الوقت الإمام الأكمل أبي العباس بن الأمراء الراشدين، فأفتى الشيخ أبو عبد اللَّه الغرياني بأنه مرتد، وأفتى ابن عرفة بأنه ساب، قال الغرياني: مطلق العداوة لا يوجب تحتم القتل وقصاراه ردة فيستتاب، والظاهر أنه إن قال قبل ذلك مظهرا لمثل هذا في عدم حفظ لسانه فهو ردة على الأظهر من المذهب، وإن لم يظهر منه إلا في هذه المرة فهي علامة على خبث سريرته فيكون زندقة. انتهى. نقله الرهوني. وقال: ما قاله الغرياني والأبي هو الظاهر، وما أجاب به الأبي هو في غاية الوضوح، وليس قوله هو عدو للنبي في الدلالة على التنقيص بأشد من قوله هو كاذب معلنا بذلك، بل التنقيص في قوله هو كاذب بين لا شك فيه، ومع ذلك فقد قال ابن القاسم: إن قائله يستتاب وعليه درج المصنف وغيره، وليس التنقيص في مسألة القبطان ببين كالإعلام بالتكذيب، ولو لم يقع ذلك منه في حال محاورته لخصمه لاحتمل أن لا يكون فيه كفر ولا تنقيص أصلا لاحتمال أن يكون قصد به إخباره عن نفسه بارتكابه أنواع المعاصي والبدع وميله عن سنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؛ لأن من علامة محبته صلى اللَّه عليه وسلم اتباعه، وإذا انتفت المحبة بانتفاء علامتها جاء ضدها، ومن المعلوم المقرر أن الحدود تدرأ بالشبهات ولا سيما الدماء، كما أن من المعلوم المقرر في هذا الباب