للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البنبارية، ثم مريم، وفاطمة. تزوجت الأولى في بطن "المتغنبرين" من كنته الأكرمين: والأخيرتان في بطن "الأعمام" من بني يعقوب الأفاضل، وكان لهن حظ كبير من العلم.

وظلت حفصة تنتقل في رحاب حضرة أخيها الولي الصالح الشيخ محمد بن سيدي محمد، لتتمكن من تربية أبنائها على الوجه الأكمل وقد تحقق لها ذلك.

وقد تلقى محمد دراسته الأولية على يد والدته السيدة حفصة، فقد درس عليها القرآن وعلومه، وبعض مبادي علوم الشرع الأخرى، وهو في العقد الأول من عمره، لتؤهله للمكانة الراسخة التي تبوأها بعد ذلك.

[سابعا - أساتذته وشيوخه]

تعتبر السيدة حفصة بنت سيدي محمد هي المعلمة الأولى لمحمد بن محمد سالم بالنسبة للمرحلة التي أكمل فيها القرآن وعلومه في سن مبكرة من عمره (١)؛ وقد كان سريع الفهم، قوي الذاكرة، مولعا بالمطالعة، مضرب المثل في القدرة على التعبير وفي الفصاحة والحفظ، فقد حفظ سبعة أحرف من القاموس المحيط للفيروزابادي، وقد ترك متابعة حفظه لما قال له بعضهم: إن حفظك للقاموس أقرب إلى الرياء (٢) وكان يقول بعد ذلك: "لا أعفو عمن تسبب لي في ترك حفظ القاموس". وكان يعتمد على نفسه في استخراج معاني "المختصر" من شرَّاحه.

ولم يزل كذلك معتمدا في تحصيله ودراسته على متابعة مطالعته الكتب دون الرجوع إلى شيخ؛ حتى قرأ في كتاب: "من أخذ الفقه من بطون الكتب غيَّر الأحكام ومن أخذ التصوف من بطون الكتب خرج عن دين الإسلام، ومن أخذ النحو من بطون الكتب لحن في الكلام … " (٣). فعلم أنه لا بد له من شيخ فخرج يبحث عن محضرة يتحقق له مقصوده فيها فمر ببعض المحاضر ولم يلبث بها كثيرا، وظل يتنقل إلى


(١) تأليف بلاهي، م. س. ذ.
(٢) المرجع السابق.
(٣) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>