فصل: في الكلام على ثبوت الخيار للأمة إذا عتقت تحت عبد، وذكر ما يبطل خيارها وما لا يبطله وما تختار به وما يتعلق بذلك، وأخره عن السببين قبله لضعف سبب الفرقة لأن الخيار فيهما لكل من الزوجين وفي هذا للزوجة فقط.
ولمن كمل عتقها فراق العبد يعني أن الأمة إذا عتقت وهي تحت عبد فإن لها أن تفارقه بشرط أن تكون قد كمل عتقها دفعة أو أكثر، فإذا تزوجت وهي معتق بعضها ثم كمل عتقها بعد ذلك ثبت لها الخيار، كما لو عتق بعضها وهي متزوجة ثم كمل بعد ذلك فلها الخيار أيضا، واحترز بقوله:"كمل عتقها" مما لو أعتق بعضها أو كوتبت أو دبرت أو أعتقت لأجل أو كان زوجها معزولا عنها واستولدها السيد، فقد نص في المدونة في غير موضع على أن السيد إذا وطئ أمته المتزوجة وكان الزوج معزولا عنها تكون له أم ولد، فقوله:"ولمن كمل عتقها" أي ناجزا.
وقوله:"ولمن كمل عتقها" بأي وجه كان كماله: سواء عتقت بأداء الكتابة، أو كانت مدبرة ومات السيد وحملها الثلث، أوأم ولد مات سيدها وعتقت من رأس المال، أو مبعضة وأعتق السيد باقيها. ولها الخيار سواء أجبرت على التزويج أو طلبت أن تزوج من العبد. قاله الحطاب. وإذا كمل عتقها حيل بينهما حتى تختار كما في المدونة وابن الحاجب وابن عرفة قائلا: عدم ذكرهم حيل بينهما مخل بفائدة معتبرة. قاله الشيخ بناني.
وقال الشبراخيتي: ونص في المدونة على أن السيد إذا وطئ أمته المتزوجة التي عزل زوجها عنها أي بغيبة ونحوها بعد استبرائه لها بحيضة وأتت بولد فإنها تكون به أم ولد. قاله التتائي. والحطاب. وقوله: أتت بولد أي لستة أشهر وما في حكمها، وقوله:"ولمن كمل عتقها فراق العبد" أي يجوز لها ذلك ولها البقاء، والمراد بالعبد القن ومن فيه شائبة حرية.
وقوله: فقط احترز به من الحر فإذا عتقت الأمة وهي تحت حر فلا خيار لها؛ لأن علة تخييرها نقص زوجها بعدم حريته وقيل جبرها على النكاح، قال الشيخ محمد بن الحسن: ابن رشد: علة تخييرها نقص زوجها لا جبرها على النكاح، ولذا قلنا لا خيار لها تحت الحر وعلى قول أهل العراق لها الخيار تحته علته جبرها. انتهى. وقوله:"فراق العبد" أي لها ذلك بغير حاكم إذا كانت بالغة رشيدة أو سفيهة وبادرت لاختيار نفسها، وإلا نظر لها الحاكم كما ينظر للصغيرة