وهي أربعة لا بد لنفوذ الطلاق منها، والمراد بالركن هنا ما ينعدم الشيء بانعدامه، وبدأ بالركن الأول من أركان الطلاق فقال: وركنه أهل يعني أن أركان الطلاق من حيث هو سنيا أو بدعيا بعوض أو بدونه أربعة، منها الأهل وهو موقع الطلاق من زوج أو نائبه من حاكم أو وكيل: ومن الوكيل الزوجة إذا جعله الزوج بيدها، وأما الولي والسيد فلا إلا في الصغير بعوض كما مر، وأما قولهم: إن طلاق الفضولي صحيح متوقف على الإجازة فالزوج إنما هو الموقع للطلاق بدليل أن العدة من يوم الإجازة لا من يوم الإيقاع، فلو كانت حاملا فوضعت قبل الإجازة استأنفت العدة، وسيأتي بيان حقيقة الأهل وسائر ما يحترز به عنه، ومعنى الأهل المتأهل لإيقاع الطلاق.
وقصد يعني أن من أركان الطلاق القصد، ومعناه قصد النطق باللفظ الدال على الطلاق في الصريح والكناية الظاهرة وإن لم يقصد مدلوله وهو حل العصمة، وأما الكناية الخفية كاسقني الماء فلا بد فيها من قصد حل العصمة، وإنما لزم الصريح والكناية الظاهرة وإن لم يقصد حل العصمة لأنه يلزم ولو هزل كما يأتي، واحترز بالقصد عن سبق اللسان كما يذكره. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: أي قصد النطق في الصريح والكناية الظاهرة؛ لأنه إذا سبق لسانه أو هذى لمرض أو نحو ذلك فلا شيء عليه كما سيأتي، وليس المراد به قصد إيقاع الطلاق بدليل قوله:"ولزم ولو هزل"، وأما الكناية الخفية فيشترط فيها قصد استعمال اللفظ في حل العصمة. انتهى. ونحوه للخرشي.
وقال ميارة بعد أن ذكر أن من أركان الطلاق القصد: والقصد هو القصد للطلاق فلا أثر لسبق اللسان إن جاء مستفتيا ولا أثر للفظ يجهل معناه، كما إذا قيل للأعجمي قل زوجتي طالق فلا يلزم لعدم القصد ولا أثر لطلاق الإكراه، ثم قال بعد كلام كثير تقدم أن من أركان الطلاق القصد، فلذلك لم يلزم المجنون والمبرسم الذي لا يعقل والمريض المغلوب على عقله، ونقل القاضي عياض في مداركه عن بعض الأئمة أنه سئل عن طلاق الذاهل بقول السائل:
أيا قاضيا فاق الأنام بعلمه … وأربى عليهم بالنهى والفضائل
فديتك هل يجري الطلاق لذاهل؟ … فرد فأنت اليوم قطب المسائل