للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[باب في الرضاع]

والرضاع والرضاعة بفتح الراء فيهما وكسرها فيهما مصدران لرضع الصبي أمه، يقال: رضع الصبي أمه رضاعا مثل سمع سماعا وأهل نجد يقولون رضع يرضع رضعا مثل ضرب يضرب ضربا، ويقال: امرأة مرضع بلا تاء إذا كان لها ولد ترضعه، فإن وصفتها بإرضاعه قلت: مرضعة بالتاء، وعرف ابن عرفة الرضاع بقوله: الرضاع عرفا وصول لبن آدمي لمحل مظنة غذاء آخر، لتحريمهم بالسعوط والحقنة، ولا دليل إلا مسمى الرضاع. انتهى. قوله: عرفا؛ أي في العرف الشرعي، وخصصه بذلك إشارة إلى أن الرضاع غلب في المعهود بين الناس، وهو ضم الشفتين على محل خروج اللبن من ثدي لطلب خروجه. والفقهاء حيث حكموا بأن الحقنة والسعوط يقع التحريم بهما، دل ذلك على أن الرضاع عرفا شرعيا صادق عليهما، وانظر قوله: لمحل مظنة غذاء مع قول المص الآتي: تكون غذاء، وقوله: لتحريمهم بالسعوط والحقنة، تعليل للوصول الشامل للوصول من الفم وغيره.

قال بناني: وينبغي أن يزاد في التعريف من منفذ واسع احترازا من المعين والأذن كما يأتي، ويقيد أيضا بغير الحقنة، أما هي فلابد فيها من الغذاء بالفعل، ولا تكفي المظنة كما يأتي، وقال عياض: ذكر أهل اللغة أنه لا يقال في بنات آدم لبن وإنما يقال لبان، واللبن لسائر الحيوان غيرهن، وجاء في الحديث كثيرا خلاف قولهم. انتهى. وأشار إلى نحو قوله صلى الله عليه وسلم: (لبن الفحل يحرم) لكن قال ابن عبد السلام: وعندي أنه إذا تتبع الحديث لا يبعد حمل لبن فيه على المجاز والتشبيه، والأصل في تحريم الرضاع قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} وقوله عليه الصلاة والسلام: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (١)) وقوله: (إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة (٢)).

حصول لبن امرأة يعني أن حصول لبن المرأة أي الأنثى من الآدميين في جوف الولد يحرم ما حرمه النسب والمعتبر وصوله للجوف ولو ظنا أو شكا احتياطا، لا لحلق ورُدَّ، ولا لبن جنية فلا ينشر الحرمة بين مرتضعيها قاله عبد الباقي. وقال بناني: ما ذكره من أن المعتبر في التحريم هو الوصول للجوف هو الواقع في عبارة الكثير من أهل المذهب، والذي في عبارة القاضي عبد الوهاب


(١) البخاري، الحديث ٢٦٤٥.
(٢) مسلم، الحديث ١٤٤٤.