للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما أنهى الكلام على السرقة أعقبه بالكلام على الحرابة ووصلها بها لاشتراكهما في بعض حدودها في مطلق القطع وأخرها عنها لأجل قوله: "واتبع كالسارق" فيكون المشبه [به] (١) معلوما، فقال:

[باب ذكر فيه الحرابة وما يتعلق بها]

وهي بكسر الحاء والمحارب في اللغة ضد المسالم، والحرابة في الشرع عرفها ابن عرفة بقوله: الحرابة الخروج لإخافة سبيل بأخذ مال محترم بمكابرة قتال أو خوفه أو إذهاب عقل أو قتل خفية أو لمجرد قطع الطريق، لا لإمرة ولا لنائرة ولا عداوة. فيدخل قولها: والخناقون والذين يسقون الناس السيكران ليأخذوا أموالهم محاربون. انتهى. قوله: الخروج لإخافة أي أن الخروج لأجل الإخافة حرابة، سواء وجدت أم لا وهو كذلك كما في المدونة؛ لأن الخروج لأجل الشيء لا يقتضي تحقق ذلك الشيء، وذكر اللخمي أن من أخذ بأثر خروجه قبل الإخافة وأخذ المال لا تجري عليه أحكام الحرابة. قاله الشبراخيتي. وقال الخرشي: قوله الخروج مصدر مناسب للمحدود لأنه مصدر، وقوله: لإخافة سبيل أخرج به الخروج لغير إخافة السبيل أي الطريق، وقوله: لأخذ مال أخرج به الإخافة لا لأخذ مال بل خرج لإخافة عدو كافر. وقوله: بمكابرة قتال متعلق بأخذ مال. انتهى.

وقال الشبراخيتي: وقوله بمكابرة قتال إضافَتُه بيانية، وهو بيان لأنواع ما به الحرابة. انتهى. أو إذهاب عقل، قال البناني: يتعين جره عطفا على مكابرة؛ لأنه لو رفع عطفا على الخروج لزم أن إذهاب العقل بمجرده حرابة وإن لم يكن لأخذ مال وليس كذلك. انتهى. ويرد على التعريف أنه لا يشمل من قاتل لأخذ المال من غير قطع لطريق أو دخل دارا أو زقاقا وقاتل ليأخذ المال ومسقي السيكران ومخادع الصبي أو غيره ليأخذ ما معه. فالتعريف غير جامع. وقوله: لا لإمرة كالذين يخرجون لأخذ العشر، وقوله: ولا لنائرة كأن يكون بين أهل بلدين قتال فيمنع أهل إحداهما أهل الأخرى من المرور عليهم، وقوله: ولا عداوة كأن يكون الشخص عدوا لشخص أو ابن عدوه.


(١) ساقطة من الأصل والمثبت من عبد الباقي ج ٨ ص ١٠٨.