للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[باب: في الاعتكاف]

وهو لغة: لزوم الشيء من خير أو شر، قال تعالى: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}، وقال جل من قائل: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا}، وخص شرعا بالعكوف على الخير. ابن العربي: جرت الشريعة على عادتها في قصر اللفظ المشترك على بعض متناولاته، أو تخصيص على بعض محتملاته. انتهى. ويقال: عكف يعكف بالضم والكسر عكفا وعكوفا: أقبل على الشيء مواظبا، واعتكف وانعكف بمعنى، وقيل: اعتكف على الخير وانعكف على الشر. وعرفه ابن عرفة بقوله: لزوم مسجد مباح لقربة قاصرة بصوم معزوم على دوامه يوما وليلة سوى وقت خروجه لجمعة أو معينه الممنوع فيه. انتهى.

اللزوم هنا الإقامة، وخرج بقوله: مباح، مسجد البيت، وخرج بقوله: لقربة ما إذا كان ملازما للمسجد لا لقربة: وقوله: قاصرة أخرج به المتعدية لأنها لا تكون في الاعتكاف، واللازم لها لا يصدق عليه أنه معتكف، وقوله: بصوم، الباء للمصاحبة، والصوم شرط على المشهور، وقيل: ركن، وقوله: معزوم صفة للزوم؛ لأن اللزوم بمعنى الإقامة، وهي أعم من أن تكون بنية العزم على الدوام أم لا، فلذا خصص اللزوم، وقوله: يوما وليلة، متعلق بدوامه، وهو أقل الاعتكاف، وقوله: سوى وقت خروجه لجمعة، فيه نظر؛ فإن خروجه للجمعة يبطل اعتكافه، فتعريفه الاعتكاف إنما يجري على الشاذ أن خروجه للجمعة لا يفسد الاعتكاف، كخروجه لحاجته، فقد علمت أنه خلاف المشهور، وقوله: أو لمعينه، يحتمل أن يكون بالنون وبالياء المشددة بعدها، والإضافة لضمير المعتكف أي لمقصوده الممنوع فيه أي المسجد، ويحتمل لمعينه بالياء التحتية ثم بالنون من التعيين صيغة اسم الفاعل، والضمير فيه عائد على الخروج أي الذي يعين عليه الخروج مما هو ممنوع في المسجد، كالبول والغائط والجنابة إذا احتلم ونحو ذلك. قاله الأجهوري. وقال محمد بن الحسن: الظاهر أنه بتشديد الياء مكسورة اسم فاعل من التعيين، والضمير للخروج، ومعينه كالبول والغائط والحيض والنفاس وغسل الجنابة، وقوله: معزوم على دوامه يفيد أنه لا بد فيه من النية، ولم يعرف المؤلف الاعتكاف، بل ذكر حكمه وأركانه وشروطه ومفسداته وآدابه وأعذاره: وحكمها من بناء وقضاء واستنان، فقال: الاعتكاف نافلة؛ يعني أن الاعتكاف نافلة أي مستحب متأكد، والمستحب دون السنة في الثواب، وليس سنة وإن فعله صلى