هذا التحرير العجيب. ولا تلتفت لما خالفه وإن قاله من له في المعلوم والتحقيق أَوْفَرَ نصيبْ. وقد رأيت دليله من العقول والمنقولْ. فلم يبق فيه لصنف ما يقول. واللَّه الموفق. انتهى كلام هذا الرجل ذي القدم الراسخ جزاه اللَّه عنا خيرا بجاه النبي صلى اللَّه عليه وسلم.
ولذي دين محيط منعه منه يعني أن المدين دينا محيطا إذا وجب عليه القصاص فأراد أن يصالح عن القصاص الذي ترتب عليه بمال، فإن لرب الدين المحيط أن يمنعه من ذلك سواء كان القصاص متعلقا بنفسه أو بطرف من أطرافه كما هو ظاهر كلام غير واحد؛ إذ فيه إتلاف ماله على ما لم يعامله عليه غرماؤه، ومفهوم قوله:"محيطٍ" أنه إن لم يحط الدين بماله فلا كلام للغرماء أي فليس لهم أن يمنعوه من الصلح عن القصاص؛ لأنه قادر على وفاء الحق بما بقيَ ولو بتحريكه.
تنبيه: ظاهر قوله: "وعن العمد" لخ أنه يجوز الصلح ولو قبل ثبوت الدم وهو كذلك، وقوله:"ولذي دين محيط" لخ قال عبد الباقي: فإن قلت لِمَ كان لذي دين منعه هنا؟ فقدمنا الغرماء هنا على الجسد وهم مؤخرون عن القوت كما مر، فالجواب أنه هنا ظالم بالجناية فلا يضر الغرماء بظلمه، وهناك معذور فقدم بدنه على مال الغير كالمجاعة كذا في الذخيرة. انتهى. ثم تمم قوله:"وعن العمد بما قل" لخ فقال: وإن رد مقوم بعيب يعني أنه إذا وقع صلح العمد مطلقًا أو الخطإ على إنكار على مقوم معين كعبد أو فرس أو ثوب أو دار أو نحو ذلك ثم اطلع فيه على عيب، فإن المجني عليه له أن يرده ويرجع بقيمة ذلك العين الذي رده بالعيب، ولا يرجع إلى القود ولا إلى الخصومة في الإنكار.
أو استحق يعني أنه إذا وقع صلح العمد مطلقًا أو الخطإ على إنكار على مقوم معين ثم استحق من يد المجني عليه، فإنه يرجع بقيمة ما استحق من يده ولا يرجع للقود في الإقرار بالعمد، ولا إلى الخصومة في الإنكار.
وعلم مما قررت أن قوله: رجع بقيمته جواب الشرط فهو راجع للمسألتين، وفاعل "رجع" ضمير يعود على المصالح المجني عليه، والضمير في قيمته عائد على المصالح به. قال عبد الباقي: وإن رد مقوم معين كعبد أو فرس أو ثوب معين صولح به عن دم عمد مطلقًا أو عن خطإ على إنكار