فإنه يلزمه أن يأتي بصبرة مثلها على التحري، أي يتحرى قدرها بأن يقال: هذا قدرها فيما نرى، ليوفي للمشتري ما اشتراه منه، وليس للمشتري الخيار في أن يرد المبيع، أو يتمسك به ويأخذ القيمة، لأنه إذا أخذ مثل صبرته التي اشتراها لم يظلم، وإلى ذلك أشار بقوله: ولا خيار لك، أي لا خيار لك يا مشتري في رد البيع والتماسك وأخذ القيمة، وقوله: وإن أهلك بائع، أي عمدا أو خطئا، لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء، قال الشيخ سالم: وإن أهلك بائع صبرة من مثلي طعام أو غيره بيعت على الكيل، ككل إردب بكذا قبل أن يكال تعديا أو خطئا، أو أفاتها بالبيع وذهبت عينها، فالمثل تحريا إلخ، وقال عبد الباقي: وإن أهلك بائع صبرة من مثلي طعام أو غيره كحناء وكتان وعصفر، بيعت على الكيل أو الوزن أو العد، بأن قال للمشتري: أبيعك هذه الصبرة كل صاع أو كل إردب بكذا، وكان إهلاكه لها قبل معرفة كيلها، فالمثل لازم له تحريا لا فيها من الصيعان أو الأرادب، ليوفيه للمشتري، ولا خيار لك يا مشتري في رد البيع والتماسك وأخذ القيمة ولو مع رضى البائع، لأنه يودي لبيع الطعام قبل قبضه، لأنه لا وجب له المثل باعه قبل أن يقبضه، يعني بما يأخذ من القيمة، وأما لو وقع المبيع على آصع معلوم عددها من صبرة ثم أهلكها فإنه يلزمه عدد تلك الآصع، وعلم مما قررنا أنه لا مفهوم لقوله: على الكيل، ولو هلكت بأمر سماوي لكانت من البائع وانتقض المبيع كما قدمه بقوله: والتلف وقت ضمان البائع بسماوي إلخ، فإن جهل كون الهلاك من سماوي أو متلف، فقال ابن القاسم: لا يصدق وعليه أن يوفي ما باع، وإن أهلكها المشتري وعُرِفَت مكيلتها غرم الثمن، فإن جهلت لزمه الثمن تحريا. انتهى. ببعض إيضاح.
تنبيهان: الأول: قال الخرشي: قال الجوهري: الصبرة واحدة صبر الطعام، يقال: اشتريت الشيء صبرة أي بلا كيل ولا وزن، قال الأزهري: سميت بذلك لإفراغ بعضها على بعض، وقال في الذخيرة: الصبرة من الحبس لأنها حبست عن الكيل. انتهى. الثاني: قال الرهوني: أتلف وأهلك وجنى وقتل، كلها تستعمل في الخطإ. انتهى. يعني وفي العمد، كما يفيده كلامه. واللَّه سبحانه أعلم. ولو أهلك البائع الصبرة بعد صرفة كيلها للزمه مثلها.