للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب: يذكر فيه المباح من الأطعمة والمكروه منها]

والمحرم منها والكلام في هذا على ضربين الأول في حال الاختيار والثاني في حال الضرورة، وعلم مما مر أن سائر المطعومات ضربان: حيوان ويحتاج بعضه إلى ذكاة وبعضه لا يحتاج إليها كالبحري، ونبات وغيره من الجامدات والمائعات، والأطعمة التي لا تحتاج إلى ذكاة يجوز أكلها ما لم تكن نجسة بنفسها أو بمخالطة نجس فيطرح جميع الطعام إن كان مائعا وما سرت فيه خاصة إن كان جامدا، وبدأ ببيان حكم المباح من الأطعمة في حال الاختيار، فقال: المباح طعام طاهر؛ يعني أنه يباح في حال الاختيار تناول كل طعام طاهر أكلا وشربا، فدخل كل طعام مائع وجامد حتى اللحم المني، وأهدي له صلى الله عليه وسلم طعام فيه قديد فأكل من ذلك الطعام، والقديد: اللحم المطبوخ الميبس. قاله في التيسير. ودخل أيضا كل مشروب حتى البول من المباح، وخرج النجس والمتنجس على ما مر في قوله: "وينجس كثير طعام مائع"، لخ وإذا وجد حوت في بطن حوت أكل، وإن وجد في بطن طائر ميت فقيل لا يؤكل؛ لأنه صار نجسا، وقال ابن يونس: الصواب جواز أكله كما لو وقع في نجاسة فإنه يغسل ويؤكل، قال البرزلي: وفرق شيخنا الإمام بأن وقوعها في نجاسة أخف بخلاف حصوله في بطن الطير، إذ قد مر عليه زمن تسري فيه النجاسة بالحرارة؛ فأشبه طبخ اللحم بالماء النجس إلا أن يقال: إن النار في الحرارة أشد، وعلى هذا لو حصلت في بطن خنزير ومات فإنه يجري على ما مر.

ابن مرزوق: وإذا اختلط الطعام بالتراب ونحوه بحيث لا يمكن النفع به سقطت حرمته. القوري رحمه الله: في أكل الخبز المحترق الذي صار كالتراب قولان، وكان الشيخ ابن عرفة رحمه الله يقول في الطعام في الشوارع: إن قل ولم يكن في طين يلزم لقطه، وينبغي للمار في الأسواق أن ينوي أنه إن رأى قرطاسا في سكة الطريق رفعه من موضع المهنة إلى موضع طاهر يصونه فيه، ولا يقبله ولا يضعه على رأسه؛ لأن ذلك بدعة، وسواء كان مكتوبا أو غير مكتوب، وكذا ينوي أنه إذا وجد خبزا أو غيره مما له حرمة مما يؤكل يزيله إلى موضع طاهر يصونه، ولا يضعه على رأسه ولا يقبله تحرزا من تلك البدعة، وكان الشيخ الرجاني رحمه الله إذا جاءه القمح لم يترك أحدا من الفقراء في الزاوية يعمل في ذلك اليوم عملا حتى يلقطوا ما وقع من الحب بالباب والطريق؛